بعد النسخة الناجحة التي حققها Hermès Kite Festival في إندونيسيا العام 2022، حطّ المهرجان رحاله في دبي للمرة الأول، حيث استضاف شاطئ "سنسيت بيتش" مهرجان الأوشحة من Hermès من 10 إلى 12 فبراير. تخلل المهرجان الذي غطت فيه أوشحة هيرميس سماء دبي، عروضاً جوية قدمهـا رواد طائرات ورقية محترفون أدّوا رقصات باليه في الجو من خلال المناورات الفريدة بطائراتهم الورقية.
وبهذه المناسبة، التقت زويا بكريستوف غوانو Christophe Goineau المدير الفني لقسم منتجات الرجال الحريرية لدى Hermès وأجرت معه حواراً عن تطور مفهوم التصاميم الحريرية عبر الزمن، الصيحات الرائجة حالياً فيما يتعلق بارتداء ربطة العنق أو الوشاح، وأهمية النقشات التي تبتكرها Hermès ودورها في نشر مفهوم المرح والتفنن في تنسيق الإطلالات. تابعي المزيد في الحوار التالي:
تعمل مع هيرميس منذ كنتَ في الـ21 من عمرك، كيف ترى تطور العمل بالحرير لدى الدار منذ ذلك الوقت وحتى الآن؟ وكيف تطورت صيحات الحرير وما هي الصيحات الرائجة اليوم؟
عندما انضممتُ إلى الشركة كان الأمر يتعلق بتصميم ربطات العنق للرجال والأوشحة الحريرية للنساء، أي أن الحرفة كانت تتعلق آنذاك بالبديهيات. ولكن منذ أواخر الثمانينيات، مروراً بالتسعينيات ووصولاً إلى يومنا الحالي، تغير الأمر كثيراً من ناحية الحرفية ومن ناحية المفهوم. ففي السابق، كان يُفرض على الرجل ارتداء ربطة العنق، وقد استمرّ ذلك لسنوات طويلة، أي أن ارتداء ربطة العنق لم يكن خياراً شخصياً، وإنما واجباً. ولكن مع الوقت، باتت ربطة العنق مرتطبة بالإطلالات الكاجوال أيضاً، ولم تعد إلزامية لكل يوم، ولهذا نرى أن الرجال اليوم يرتدون ربطة العنق لأنهم يريدون ذلك وليس لأنها مفروضة عليهم، وهذا تماماً ما يجعلها أداة للمتعة اليوم، أي أن الناس يبتاعون ربطة العنق لأن ارتداءها يجعلهم يشعرون بالأناقة ولأنهم يرغبون بها بشدة، فهم يعرفون أي ربطة عنق يختارون، كما يبتاعون النقشات والألوان التي تشبه شخصيتهم وأسلوبهم.
كيف تصف إذن هوية منتجات الحرير الخاصة بالرجال من هيرميس في يومنا الحالي؟
الرجل الذي يريد ربطة عنق تعكس هوية هيرميس عليه أن يفكّر أولاً بالنقشات. ومؤخراً قمنا بتغيير طول ربطات العنق وعرضها، وهذا التغيير يجعل الستايل واللوك مختلفاً أيضاً، في حين أبقينا على النمط الذي يزيّنها، صغيراً للغاية. ومن خلال متابعتنا لاختيارات المتسوقين، نستطيع القول إن الموضة فيما يتعلق بربطات العنق، تميل اليوم إلى عالم الخيال نوعاً ما بعدما كانت ترتكز في السابق على الكلاسيكيات والتصاميم الرسمية على سبيل المثال. وأعتقد أن الميل إلى التصاميم المرِحة أو التي تحفّز الخيال لدينا، مرتبط بطبيعة المرحلة التي نعيشها اليوم، فعالمنا اليوم معقّد للغاية، ولهذا يحتاج الناس إلى تصاميم تعبّر عن المرح وحس الفكاهة وتشكّل متنفساً لهم نوعاً ما وتجعلهم يبتسمون.
أنتم كعلامة تعبّرون عن ذلك أيضاً من خلال مهرجان الحرير الذي تقيمونه حالياً في مدن مختلفة من حول العالم. هل يعكس هذا المهرجان النقشات المرحة التي نشاهدها في النقشات التي تقدمونها؟
بالطبع، أعتقد أننا أتينا إلى هنا للتعبير عمّا يكمن في داخلنا من ميل إلى عالم الخيال الجميل، فضلاً عن حبنا للألوان والنقشات إلى جانب القطع الفريدة القادرة على أن تغير الإطلالة بشكل جذري. فإذا أضفتِ إلى إطلالتك وشاحاً ملوناً او مزيناً بنقشة مرحة على سبيل المثال، فهذه الإضافة ستجعل إطلالتك تبدو مختلفة وحتى ولو كانت كلها باللون الأسود أو كانت مملة إلى حد ما. فالوشاح أو ربطة العنق بالنسبة لنا، يشكلان عنصراً مهماً للغاية، كما أنهما عبارة عن قطعتين يمكن إضافتهما أو التخلص منهما بسهولة أو تنسيقهما بطرق مختلفة بحسب ما يروق لك.
يمكن للسيدة أن تنسق الوشاح بطرق مختلفة، إذ يمكنها وضعه حول عنقها أو على قبضة الحقيبة أو ارتداءه كتوب أو كعصابة للرأس. ولكن كيف يمكن للرجل أن يتفنن باستعمال ربطة العنق أو الوشاح؟
على الرجل أولاً أن يختار التصميم الذي يشعر برابط معه، والتصميم الذي يروقه حقاً. الرجل ليس معتاداً على التلاعب بالألوان أو الأنماط والنقشات في إطلالاته، ولكننا بشكل عام نحاول أن نشرح لزبائننا بأنه لا توجد قواعد محددة لارتداء الوشاح أو ربطة العنق، بل يمكنهم استعمالها بالطريقة التي يريدونها، فبعض فناني الراب على سبيل المثال، يضعون اليوم ربطة العنق على رؤوسهم. فالقواعد الصارمة التي كانت سائدة قديماً، لم تعد موجودة في يومنا هذا. أما النصيحة التي أقدمها لكل رجل، فهي أن يفكّر بربطة العنق أو الوشاح الحريري كلمسة من اللون يضيفها إلى إطلالته، بمعنى ألا يختارهما بنفس لون إطلالته، بل بلون مختلفة لإضافة المزيد من الرونق والحياة إلى مظهره. كما عليكه أن يتيقّن من أنه يشعر بشعور أفضل مع هذه الإضافة، فهذا هو الأهم.
أتوقع أنكم تعملون الآن على المجموعة التي ستُطرح بعد عام من الآن. أخبرني كيف تبدأون عادةً من الرسومات الأولية إلى تحديد الألوان والأنماط وغيرها؟ أين يبدأ الأمر وأين ينتهي حتى تكونوا راضين عن المنتج بشكله النهائي؟
الأمر يتطلب الكثير من المراحل وكل منتج يمرّ بسلسلة طويلة من العمل، حيث ينبغي علينا أن نشرف على كل خطوة على حدة، بدءاً من خيطان الحرير إلى التصاميم النهائية. ففي محترفاتنا نقوم بحياكة الحرير ونطبع النقشات ونحدد الألوان، ولا نتبع بالضرورة الصيحات الرائجة والتي نراها في عروض الأزياء العالمية، بل نعمل بحرية تامة في هذا المجال.
وتُعتبر الأنماط المنقوشة هي الأهم بالنسبة لنا وعادةً ما نتعاون في إنجازها مع مصممين أو فنانين مستقلين، وقد نستمد الوحي أحياناً من عمل فنان ما ونطلب منه أن يقدّم لنا نمطاً تصميمياً خاصاً بنا يشبه فنه ويتكامل مع هوية علامتنا في الوقت نفسه. ومن ثمّ نقوم بطبع النمط هذا بأفضل طريقة وباستعمال أنقى الألوان، بحيث يعكس المنتج النهائي قيم علامتنا. فأنا أعتقد بأن هيرميس تقوم على إحلال التوازن ما بين العناصر المختلفة، ما بين اللمسة الخاصة بالفنان والملامح التي تشكّل هوية الدار على سبيل المثال. فالمهم بالنسبة لنا أن نقدّم التصاميم الخالدة، ولكن غير المملة، فالابتكار أمر أساسي في تصاميمنا، وهذا ما يجعلنا في تطور دائم.
فيما يتعلق بالتقنيات التي تتبعونها في طباعة النقشات، هل تغيرت عبر الزمن أم أنكم مازلتم تستعملون التقنيات القديمة نفسها؟
لقد غيّرنا في تقنياتنا على مرّ السنوات، فالأوشحة الاولى على سبيل المثال كانت تُطبع عل ألواح من الخشب، أما اليوم فنستعمل الشاشات المسطحة، ويتم إنجاز ذلك في مدينة ليون في وسط فرنسا حيث يوجد مركز خاص بالحرير مختص أيضاً بالطباعة على الحرير وهو الأفضل من حيث الجودة. علماً أن الألوان تختلف ما بين مجموعات النساء ومجموعات الرجال، كما ان نسبة تركيز هذه الألوان يختلف أيضاً، ولهذا قد تجدين أن أوشحة النساء تطلب وقتاً أطول بكثير في الطباع من أوشحة الرجال كونها تضمّ في العادة عدداً أكبر من الألوان المختلفة.