أدى مشهد التكنولوجيا التي تتطور بسرعة لاهثة ودائمة في الشرق الأوسط إلى ظهور فئة جديدة من المستهلكين والعملاء الذي يستطيعون الوصول بسهولة للمعلومات والقنوات المتنوعة التي تمكنهم من التعبير عن آرائهم. وبينما تتزايد مطالب هؤلاء العملاء باستمرار تجد مراكز الاتصال نفسها مضطرة لكي تتطور بسرعة حتى تلاحق وتستوعب احتياجاتهم المتنامية.
لقد أجبرت تكاليف التشغيل المتزايدة الشركات على إعادة تقييم الطرق والمناهج التي تعمل بها مراكز الاتصال، وتتطلع الكثير من هذه الشركات إلى ترشيد نظمها وعملياتها من أجل تخفيف النفقات والمصروفات المرتفعة.
يكمن التحدي الذي يواجه مراكز الاتصال الحديثة في ضرورة تحقيق التوازن بين عنصرين: إنشاء نموذج لتقديم الخدمة يتمركز حول العميل أو المستهلك، وفي الوقت نفسه تقليل المصروفات والنفقات وترشيدها. وتشكل الجهود التي تسعى لتحقيق هذا التوازن جوهر وأساس أغلبية الاتجاهات الصاعدة في الصناعة، وتدفع بالتحرك نحو مراكز الاتصال التي تجمع بين الكفاءة والشمول.
منهج متكامل لخدمة العملاء
بدأت مراكز الاتصال تدرك بسرعة أن النظم القديمة المستخدمة لعدة سنوات لم تعد قادرة على تحسين مستوى تقديم الخدمة التي يتطلبها المستهلك في الوقت الحالي. ويجري حاليا تطبيق نظم وعمليات جديدة هدفها زيادة القدرات والإمكانيات المتاحة لموظفي مركز الاتصال، وتزويدهم برؤية أكثر شمولا للتعامل مع المستهلكين والعملاء.
بدأت النظم متعددة القنوات التي تتيح للموظفين سحب المعلومات من عدة مصادر مثل البريد الإلكتروني والفاكسات والوسائط الاجتماعي تصبح ضرورة لازمة في بيئة مراكز الاتصال. وتساعد هذه النظم في تكوين صورة شاملة للعميل، مع إمكانية رصد ومراقبة أسباب الحوادث والاستعلامات السابقة بسهولة، وتمكين الموظفين من فهم المشكلات الحالية بعمق.
بجانب ما سبق، تؤدي هذه النظم إلى تخفيض التكاليف إلى حد كبير، لأن إدارة العديد من النظم والمزودين – وضمان التكامل بينهم – قد ينجم عنه ليس فقط ممارسات كثيفة العمالة بل وارتفاع كبير في التكلفة أيضًا.
يجري الآن التخلي عن نظم الأجهزة متعددة النقاط والاتجاه نحو التطبيقات البرمجية الشاملة ذات الاستخدامات المتنوعة، التي تزود مراكز الاتصال بمستويات عالية من المرونة. وتتيح إمكانيات التقارير والمراقبة المدمجة التي تقدمها مثل هذه التطبيقات لمراكز الاتصال إلغاء مركزية العمليات وتقليص تكاليف الاستخدام إلى حد كبير من خلال إتاحة العمل من المنزل لموظفين مراكز الاتصال.
بفضل تحسين سرعات الاتصال المحلية بالإنترنت، أصبح نموذج الموظف الذي يعمل من المنزل بديلا واقعيًا لمراكز الاتصال في جنوب أفريقيا، التي يسلك العديد منها هذا الاتجاه من أجل ترشيد النفقات وتحسين مستويات رضا الموظفين وبقاءهم.
زيادة التكامل
بدأت الشركات التي تتطلع إلى إنجاز مستويات عالية من حل مشكلات العملاء من المكالمة الأولى تدرك ضرورة المنهج المتكامل لخدمة العملاء، أي ذلك الذي لا يبدأ وينتهي بموظف مركز الاتصال.
تساعد حلول الاتصالات الموحدة الشركات على دمج المكاتب الأمامية والخلفية بصورة تدريجية من أجل إنشاء نموذج متكامل وشامل لخدمة العملاء.
تمكن مثل هذه الحلول موظفي مركز الاتصال من التفاعل مع الخبراء المعنيين في الإدارة أو الشركة، مما يتيح لهم تقديم الأسئلة بصورة فورية أو حتى ضم الخبراء للمكالمة من أجل تقديم المزيد من المساعدة.
من خلال إشراك كل الموظفين في قسم خدمة العملاء، يمكن الإجابة على استعلامات العملاء بسرعة أكبر، كما لن تقتصر المسؤولية فقط على الموظف أو المندوب، الذي ربما لا يكون مؤهلا بما يكفي أو بصورة ملائمة للتعامل مع الاستعلامات ذات الطبيعة المتخصصة.
نموذج المساعدة الذاتية
لأن الموظفين أو مندوبي خدمة العملاء يمثلون الجانب الأكثر تكلفة في مراكز الاتصال، تتطلع الشركات الآن إلى وسائل أخرى يمكنهم من خلالها توجيه أعباء العمل إلى بيئة آلية دون التضحية أو التأثير على مستويات الخدمة.
بدأ بالفعل تطبيق مبادرات الخدمة الذاتية الصوتية وعبر الويب على نطاق واسع، مما يتيح للعملاء استخدام النظم الخلفية إما عن طريق الاستعلامات الصوتية أو واجهات موقع الويب المخصصة.
بدأت الشركات الآن تستعين بقوة التجمعات الإلكترونية على الويب، وإنشاء منتديات المساعدة التي تمكن المستخدمين من مساعدة بعضهم البعض. وقد أصبحت هذه الوسائل ذات شعبية كبيرة بفضل أبل وأمثالها من شركات تصنيع وإنتاج الهواتف المحمولة، وينتهي بها المطاف في الغالب لأن تصبح المنفذ الأول للاتصال لمستخدمي الوسائط الاجتماعية ومحترفي الإنترنت الذين يتطلعون للمساعدة.
من الممكن رصد ومراقبة الأسئلة أو الاستفسارات التي تنشر في مواقع الخدمة الذاتية للعملاء أو المنتديات الاجتماعية من مكان مركزي، حيث يستطيع موظفو مركز الاتصال التدخل وتقديم المساعدة عند الضرورة. ومع ذلك، ولأن هذه المنتديات والتجمعات مكتفية ذاتيا، سيؤول الأمر إلى تخفيف الضغط على موظفي مركز الاتصال.
عصر جديد من خدمة العملاء
تمثل احتياجات المستهلك المعاصر بداية عصر جديد لمراكز الاتصال تتجه فيه بعيدًا عن النظم التقليدية والعمليات من أجل تهيئة وتحسين جودة تقديم الخدمة. وساعد تطور التكنولوجيا على أن يصبح مركز الاتصال الجديد والمتكامل حقيقية واقعية، الأمر الذي يتيح للشركات تعديل عروضها وخدماتها لكي تلائم احتياجات العملاء وتقلل في الوقت نفسه من تكاليف التشغيل.