كشفت دراسة علمية جديدة أنّ شبه الجزيرة العربية، لم تكن صحراء قاحلة، بل كانت عبارة عن مساحات خضراء وواحات من المياه وكانت هناك هجرات بشرية من أفريقيا قبل نحو 400 ألف سنة.
وفي التفاصيل، توصلت دراسة نُشرت في مجلة "ساينس نيوز" العلمية، إلى أنّ "شبه الجزيرة العربية المعروفة حاليًا بمناخها الصحراوي وارتفاع دراجات الحرارة فيها، كانت قبل 400 ألف عامًا بمثابة بوابة خضراء لإنسان العصر الحجري".
وبرهنت أنّ "الأمطار الموسمية المتجمعة بشكل دوري، حوّلت شمال شبه الجزيرة العربية إلى واحة مياه، مما أوجد فرصا للبشر أو أقاربهم منذ زمن بعيد للتجول عبر منطقة مفترق الطرق هذه من شمال أفريقيا وحتى جنوب غرب آسيا".
وادّعت أنّ "هذه الأمطار هي التفسير لوجود سلسلة من خمسة قيعان بحيرات قديمة مختلفة التواجد الزمن، كل واحدة تحتوي على أدوات حجرية مميزة، تم اكتشافها في موقع شمال المملكة العربية السعودية يسمى "خال عميشان 4"، والتي كانت مرتبطة بفترات ما قبل التاريخ، عندما كان المناخ أكثر رطوبة مما هو عليه اليوم. بالإضافة إلى ما أسفرت عنه عمليات التنقيب من اكتشاف أحافير لفرس النهر والماشية البرية وحيوانات أخرى، والبشر كذلك"، مشيرةً إلى أنه "يجب أن تكون هذه المخلوقات قد هاجرت إلى المنطقة على طول البحيرات البعلية، الأراضي الخصبة و الأنهار.
وأثبتت الدراسة "قدوم خمس هجرات بشرية من أفريقيا إلى الجزيرة العربية، يعود أقدمها إلى حوالى 400 ألف سنة وأحدثها إلى 55 ألف سنة مضت"
كذلك، أوضحت الدراسة أنّ "تاريخ أقدم الأدوات الحجرية في شبه الجزيرة العربية، يرجع إلى ما لا يقل عن 300 ألف سنة، وبغض النظر عن اكتشاف أقدم دليل معروف على تواجد البشر في شبه الجزيرة العربية، فإن الاكتشافات الجديدة تُظهر للمرة الأولى أنّ المجموعات البشرية البدائية كانت تسافر إلى هناك عندما كانت الظروف المناخية أكثر رطوبة".
ووفق عالم الآثار هاو غراوكت، "على الرغم من عدم اليقين بشأن أن أي من البشر وصلوا إلى موقع "خال عميشان 4"، حين كانت المساحات خضراء، فإن الأدوات المكتشفة هناك تبدو عمومًا أشبه بالأدوات الأفريقية القديمة التي تشبه القطع الأثرية المكتشفة سابقًا في جنوب شبه الجزيرة العربية، أو في مواقع شرق البحر الأبيض المتوسط".
من جهته، قال عالم الأركيولوجيا دونالد هينري: "إن الهجرات من أفريقيا تبدو الآن على الأرجح أنها اجتازت شمال الجزيرة العربية بدلاً من عبور البحر الأحمر الضيق إلى جنوب شبه الجزيرة العربية، وغالبًا ما يُنظر إليها على أنها ممر رئيسي للبشر القدامى".