أيام قليلة تفصلنا عن أكبر وأهم فعالية فنية سنوية في المنطقة، معرض آرت دبي. سيقام المعرض الفني الدولي الرائد في الشرق الأوسط في مدينة جميرا، وسيقدم أكثر من 500 فنان من أبرز الأسماء الإقليمية والعالمية، عبر 120 معرضاً فنياً معاصراً وحديثاً ورقمياً. وقد كان لنا في رائد ثلاثة لقاءات حصرية مع مشاركين في المعرض قبل انطلاف فعالياته، التي لفتنا فيها حضور الذكاء الاصطناعي.
البداية كانت مع السيدة ميرجام فارادينيس – القيّمة الفنية لقسم بوابة 2025 التي أطلعتنا أكثر توجهات المعرض ورؤية معرض بوابة.
-
ما هي رؤيتكم لمعرض هذا العام؟
نحن نعيش في زمنٍ يشهد تحولاتٍ سياسيةً واجتماعيةً وبيئيةً كبيرة، ولذلك أردتُ أن يكون قسم "بوابة" هذا العام بمثابة منصةً للفنانين تتيح لهم تأمل هذه القضايا المُلحة، واقتراح سُبُلٍ بديلةٍ للعيش معًا. لدينا عشرة عروضٍ فرديةٍ لفنانين من عشر دولٍ مختلفة. ومن هذا المنطلق وفي إطار السياق العالمي لمعرض "آرت دبي"، يُقدّم الحدث منصة توفر للفنانين مساحة للتحري والبحث، وتعزيز الحوار بين الثقافات، وعرض وجهات نظرٍ جديدةٍ حول الاستدامة، والذاكرة الثقافية، وعلاقة الإنسان بالطبيعة.
-
ما هي أبرز المواضيع أو التوجهات في نسخة هذا العام؟
إن الموضوع الرئيس لمعرض "بوابة 2025" هو التعايش، بمعنى الكيفية التي نتواصل بها مع بعضنا البعض، وتفاعلنا مع بيئاتنا ومع المصادر التي نتشاركها. فهناك فنانون، مثل توماس ساراسينو وخورخي روزانو غامبوا، يتناولون علاقتنا الهشة بالبيئة، بينما يُقدّم ساراسينو تركيبًا فنيًا غامرًا لمنحوتات سحابية طافية يتخيل من خلالها عالمًا من الحياة التكافلية، ويبحث غامبوا في موضوع اعتمادنا على الماء بنظرة ناقدة.
ويستند العديد من الفنانين المشاركين على الحرف التقليدية والمعارف المحلية والروايات التاريخية في رؤيتهم التي تدعو إلى إعادة النظر في المستقبل. فعلى سبيل المثال، تعمد غولنور موكازانوفا دمج الصوف المصنوع يدويًا مع تقنيات الرسم المعاصرة، بينما يعيد عبد الله العثمان تصوّر المناظر الطبيعية المتغيرة في الرياض، حيث يجمع بين المواد المحلية والأماكن المنسية في أعماله الفنية.
هذه الأعمال تستكشف مجموعة واسعة من التقنيات الفنية بشكل عام، ومعًا ستقدم تجربة غنية ومتعددة الحواس للزوار.
-
في اعتقادك، كيف يسهم القسم الخاص بك في الحوار الأوسع حول الفن؟
يتمتع الفن بقدرة فريدة على تصوّر المستحيل، وفي الوقت ذاته استعادة وجهات النظر المشتركة. ومن هذا المنطلق، يُقدّم معرض "بوابة" حصريًا أعمالًا فنية أُنتجت خلال العام الماضي، مما يجعله بمثابة بوصلة مؤثرة ومرجعًا لأحدث الاتجاهات في النقاشات الفنية الحالية وكيفية استجابة الفنانين للروايات السائدة اليوم.
ومن خلال تنظيم معرض يشمل مجموعة مختارة من الفنانين الذين يبحثون في مسألة التعايش، يُساهم معرض "بوابة" في النقاشات الأوسع حول الاستدامة والتراث والمسؤولية الجماعية حيث تدعو الأعمال المعروضة الجمهور إلى إعادة النظر في علاقته بالطبيعة والتاريخ وبعضهم البعض. وفي معرض بمكانة "آرت دبي"، بصفته مُنسّق دولي للفن حول العالم، توضع وجهات النظر المتنوعة هذه تحت الأضواء، مما يتيح إمكانات واستكشافات جديدة لهواة جمع الأعمال الفنية والقيّمين والجمهور حول العالم.
ثم كان لنا لقاء مع السيدة داليا العلي، التي تهوى جمع القطع والأعمال الفنية، والتي أطلعتنا أكثر على هذه الهواية وعلى العوامل التي تلعب دوراً في شراء الأعمال افنية.
-
ما الذي أثار اهتمامك في نسخة هذا العام من معرض آرت دبي؟
آرت دبي من المعارض الفنية المُفضّلة لدي، إذ يتميز القائمون عليه بذوق رفيع في اختيار صالات العرض والأعمال الفنية. فدائمًا ما يتم تقديم عروضًا رائعة للفن المعاصر من جميع أنحاء العالم.
-
ما هي الاتجاهات التي يمكن وصفها بالترند التي نشهدها في سوق الفن اليوم؟
تُعد الأعمال الفنية ثلاثية الأبعاد وأعمال النسيج، من أبرز التوجهات السائدة التي ألاحظها. ونرى العديد من الفنانين يستخدمون مواد مختلفة كمادة الراتينج، والبلكسي، والزجاج، والمعادن، والأقمشة.
-
ما هو النهج الذي تتبعينه في عملية جمع الأعمال الفنية؟ ما الذي تبحثين عنه في القطع الفنية؟
أنا شخصياً أحب الألوان والفن الذي يبث شعورًا بالسعادة، ولكن بسبب خلفيتي كمصممة ملابس جاهزة، دائمًا ما أبحث عن القطع الفنية المصنوعة من المنسوجات أو الخيوط.
-
كيف تؤثر الاتجاهات الإقليمية والعالمية على قراراتك؟
أحب الفن الإيراني، وأنجذب إليه دائمًا نظرًا لتشابهه مع ثقافتي وخلفيتي. ويعجبني، شخصيًا، الفن العالمي حيث أرى أن صنّاعه يتحلون برغبة أكبر في التجريب مقارنةً بالفنانين الآخرين في المنطقة.
-
بنظرك، ما الذي يجعل من مدينة دبي وجهة مميزة لجامعي الأعمال الفنية؟
تُعد دبي مدينة عالمية بامتياز؛ لذلك يتمتع سكانها بذوق فني رفيع. وقد بدأ العديد من هواة جمع الأعمال الفنية هنا مشوارهم هذا في مرحلة مبكرة من حياتهم، نظرًا إلى أن المنطقة العربية غنية بعدد كبير من الشخصيات الفنية البارزة من فنانين سوريين وعراقيين ولبنانيين. وقد ظهر في دبي جيل جديد من الفنانين المبدعين والموهوبين.
لا يمكن لرحلتنا مع المشاركين في معرض آرت دبي ان تكتمل من دون الحديث مع الفنانين المشاركين في المعرض. وقد كان لنا لقاء مع السيدة دانيا الصالح، من قسم آرت دبي ديجيتال والسيدة فيكتوريا كوفا من القسم نفسه. البادية مع مقابلتنا مع السيدة دانيا الصالح:
-
ما الذي يجعل دبي منصة فريدة للفنانين الإقليميين والدوليين؟
لقد وضعت دبي نفسها كجسر ثقافي ديناميكي، يربط الأصوات الإقليمية في منطقة الخليج بالجماهير العالمية. يخلق النظام البيئي الفني المتنوع للمدينة، من صالات العرض والمتاحف والمعارض الفنية الكبرى، مساحة يمكن للفنانين الناشئين والمخضرمين من خلالها الازدهار، التجريب، والمشاركة في حوارات تشكل مشاهد الفن المعاصر.
-
ما هو دور “آرت دبي” في رعاية المواهب المحلية وربطها بالجماهير العالمية؟
يُعد “آرت دبي” منصة مهمة للتبادل الثقافي وتطوير المواهب الفنية، حيث يوفر للفنانين المحليين فرصة للتفاعل مع جمهور عالمي متنوع، مما يعزز التفاهم الثقافي ويفتح آفاقًا جديدة. من خلال مشاركتي في “آرت دبي” مع معرض “آرت أون 56”، أرى كيف يمكن لهذه الفعالية أن تكون نقطة وصل حقيقية بين الفنانين من خلفيات مختلفة، مما يسمح بخلق روابط مهنية وإنسانية عميقة.
-
ماذا يعني لكِ الفن الرقمي في سياق اليوم، وكيف ترين دوره في تشكيل ممارسات الفن في المستقبل؟
لم يعد الفن الرقمي مجرد وسيلة، بل أصبح لغة تعكس زمننا الحالي. إن صعود الذكاء الاصطناعي والخوارزميات التوليدية يعيد تشكيل الممارسات الفنية، مما يسمح بطرق تعبير جديدة. إنه يعكس الطريقة التي نختبر بها العالم، حيث يمتزج الحوسبة مع السرد بطرق لم تكن ممكنة من قبل.
-
كيف ترين دور دبي يتطور كمركز عالمي للفن الرقمي والابتكار؟
تتطور دبي بسرعة لتصبح لاعبًا رئيسيًا في الفن الرقمي والابتكار، مع مبادرات مثل “ديجيتال دبي”. ومع تزايد تبني المؤسسات والجامعين للفن الرقمي، سيستمر دور دبي كمركز للتكنولوجيا الإبداعية في النمو.
-
هل يمكنك مشاركة الإلهام وراء أعمالك وأي قصص شخصية متداخلة فيها؟
أقدم عمل “شمس”، وهو تركيب فني مستلهم من إقامتي مع معهد غوته والمعهد الألماني للآثار في العلا وتيماء. يستلهم العمل من خرز العقيق الأحمر المستخرج من المواقع الأثرية، وهي أحجار ارتبطت تاريخيًا بالشمس، الحماية، والحيوية. تأثرت بهذه الرمزية، وقمت بتصوير شروق الشمس في العلا واستخدمت تقنيات التعلم الآلي لإنتاج فيديو لشمس تتحرك في كون موازٍ. تعكس تدرجات الشمس في “شمس” البني الدافئ والأحمر الغامق الذي يظهر عند مرور الضوء عبر العقيق، مما يربط بين المواد القديمة والعمليات الرقمية المعاصرة. يسعدني أن أقدم هذا العمل عبر منصة “آرت أون 56” في معرض “آرت دبي”، حيث أتطلع إلى مشاركة رؤيتي مع جمهور عالمي والاحتفاء بتقاطع التراث مع التكنولوجيا الحديثة
أما السيدة فيكتوريا كوف فقد أطلعتنا على التحديات التي يواجهها الفنانون وغيرها من المواضيع المهمة.
-
ما الذي يجعل دبي منصة فريدة للفنانين الإقليميين والدوليين؟
أُعجب بدبي لانفتاحها على الأفكار الجديدة والجريئة، مع حرصها في الوقت ذاته على الحفاظ على الثقافة الإقليمية. بصفتي فنانة أطور الفن الرقمي العضوي القائم على البحث والتجريب، أجد أنه من المهم أن يكون الجمهور منفتحًا على التجارب الجديدة والابتكارات المستقبلية.
-
ما هو دور معرض “آرت دبي” في رعاية المواهب المحلية وربطها بالجماهير العالمية؟
خلال معرضي الأخير في دبي، تعرفت على العديد من الفنانين المحليين والدوليين وعشاق الفن! هذا يجعلني متحمسة للغاية للمشاركة في “آرت دبي” مع “آرت أون 56” للقاء مواهب جديدة وزيارة الأصدقاء القدامى.
-
ما هي التحديات والفرص الرئيسية للفنانين الذين يخوضون مجال الويب 3 والـNFTs؟
كوني ممثلة من قبل منصة WISE.art NFT (wise.art/author/studiolandofgood-art/) وأول فنانة تبيع NFT على هذه المنصة، لاحظت كيف أصبح هذا المجال مزدحمًا مع مرور الوقت. ورغم تحديات الظهور، ما زلت أراه منصة رائعة للوصول إلى جمهور لم أكن لأصل إليه بطريقة أخرى. على سبيل المثال، تم جمع بعض من أعمالي الرقمية ضمن مجموعة فنية في كوبا، المكان الذي لم أزره شخصيًا أبدًا — أجد ذلك أمرًا مذهلاً!
-
ماذا يعني لكِ الفن الرقمي في سياق اليوم، وكيف ترين دوره في تشكيل ممارسات الفن في المستقبل؟
لأن الفن الرقمي هو تآزر بين الإبداع والعلم والتكنولوجيا، فإنه يفتح آفاقًا جديدة للفن بشكل عام. لم يعد الفن مجرد زينة، بل أصبح مروجًا نشطًا لحالة ذهنية وعاطفية معينة. على سبيل المثال، في استوديو LAND of GOOD، نقوم بدراسة كيفية مساهمة الفن في رفاهية المشاهد، حيث نقيس تأثير الصور والحركات والألوان والأصوات والذبذبات على الدماغ البشري. تلهمني النتائج الإيجابية لترويج فننا كوسيلة لتخفيف التوتر وإعادة الاتصال بالنفس الداخلية، وبالتالي تحسين الصحة العقلية والعاطفية. في المستقبل، أشعر أن الفن سيُستخدم بشكل متزايد كعامل إيجابي للتحول الشخصي ورفاهية المجتمع.
-
كيف ترين دور دبي يتطور كمركز عالمي للفن الرقمي والابتكار؟
تسير دبي بسرعة نحو أن تكون مركزًا عالميًا للفن الرقمي، وآمل أن يتماشى ابتكارنا في خلق لوحات تعزز الرفاهية مع رؤية دبي المستقبلية ومشاريعها.
-
هل يمكنك مشاركة الإلهام وراء أعمالك وأي قصص شخصية متداخلة فيها؟
بصفتي فنانة، لطالما كنت مهتمة بكيفية تأثير الفن على المشاهدين. لكن بسبب رحلتي الشخصية نحو التعافي الذاتي من مرض التصلب اللويحي المتعدد (MS)، أصبحت مهتمة بإنشاء مقاطع فيديو ومناظر صوتية تساهم في تحسين صحتي. منذ ذلك الحين، وأنا أعمل على خلق فن يدعم الحالة الإيجابية للعقل والقلب، وهو أمر ضروري لأي عملية شفاء. يسعدني أن أشارك أنني أصبحت خالية من التصلب المتعدد منذ عام 2021!