ينظر مساهمو فايسبوك بريبة إلى تصرّف مدير الشركة الذي يبدو عادلاً عن كسب المال!
لقد سبق أن قام مارك زوكربرغ بعمل مذهل محوّلاً فايسبوك إلى منتج يستخدمه 900 مليون شهرياً و500 مليون كلّ يوم.
وبسبب القاعدة الضخمة للمستخدمين، إرتفعت قيمة فايسبوك عبر السنوات ووصلت إلى 100 مليار دولار في الأسواق الخاصّة قبل أسابيع قليلة من الإكتتابات الأوليّة.
رغم النجاح الظاهر، تعاني الاستثمارات الإعلانية في الشركة منذ عدّة سنوات من انكماش ملحوظ وإيراداتها قليلة، أمّا تسويق الألعاب كالفارمفيل (Farmville) على سبيل المثال فلم يجنِ الأرباح المبتغاة خلال الربع الأول من السنة.
في هذا الإطار، صرّح هنري بلودغت أنّ 100 مليار دولار لا تكفي، ومعادلة الإيرادات/ الأرباح في الشركة غير صحيّة بتاتاً.
وبعد التحرّي عن المشكلة، توصّلنا أمس إلى إيجازها مع المستثمرين وهي إنّ قيمة الوحدات الإعلانية أقلّ بكثير من إعلانات التلفزيون ومولّدات البحث (search engines).
ولكن قد تكون هناك مشكلة أعمق مع فايسبوك بسبب عدم إيلاء مارك زوكربرغ الاهتمام بكسب المال من أجل إدارة شركة قيمتها 100 مليار دولار!
وها هو صديق لزوكربرغ يملك جواباً عن مقاربة مارك زوكربرغ الحقيقية للمال. فقد كتب عزرا كالاهان، وهو صديق لزوكربرغ وموظف سابق في فايسبوك: "حين عملت مع مارك زوكربرغ، لم يكن المال دافعه الأوّل. لقد عاش حياته بفوضى وتقشف، قبل أن تتخطى فايسبوك عتبة المليار دولار. كان مارك لا يزال يعيش في شقة صغيرة وينام على الأرض. كلّ ما أراده كان العمل، وكان يمضي معظم وقته في المكتب، لذا لم يهتمّ بتأثيث شقته ولا بشراء أشياء خاصّة، وهو لم ينتقل إلى منزل لائق إلا منذ بضع سنوات حين أجبره على ذلك فريق الأمن والمستشارون في الشركة. الإنطباع الذي لا أزال أحمله عن تلك المرحلة كان أن إذا خيّر أن يختار، فكان ليختار أن يكون الرجل الأكثر تاثيراً في العالم، وليس الرجل الأكثر ثراءً..."
لقد بدا واضحاً أنّ إبتعاد زوكربرغ عن الإهتمامات المالية من كيفية إنشاء الشركة.
في هذا الصّدد، يقول أحد المدراء: "كان زوكربرغ قد فصل نفسه كلياً عن عملية الإكتتاب وفوّضه إلى مديره المالي القدير جداً دايفد إبرسمان".
يحبّ زوكربرغ أيضاً أنّ يتحدّث عن السبب الوحيد الذي يجعل من فايسبوك شركة، وليس فقط مشروعاً أو جمعية لا تبغي الربح، فهو يعتقد أنّ الشركة هي أفضل جمعية أتى بها الناس من أجل تحفيز الموظفين وأصحاب الأموال نحو هدف مشترك.
هذا هو منطق مالك فايسبوك: أريد جعل فايسبوك قوّة عالمية، ولكي أقوم بذلك، ينبغي أن أدفع لأفراد متفوّقين وأشتري شركات وأتفادى المنافسة قدر المستطاع. لذا أنا بحاجة لسهم مرتفع وبوتيرة تصاعدية، وإلى عمليّة صحيحة من شأنها زيادة المال. وفقاً لذلك، سأهتمّ بكسب المال وسأعيّن شخصاً أثق به... لذا أتركوني بشأني الآن.
دون شك، إنّه لعرض مختلف عن عروض أخرى تقدم بها أصحاب مشاريع مع جمهور المساهمين، فلاري بايج لا يطيب له أن يكون شريراً، لكنه يحب المال وهو يقتني طائرات نفّاثة عملاقة ويستثمر اليوم في شركة "ستنجّم"، وبيل غايتس بيته عبارة عن مجمّع ضخم للغاية، والواضح أنه يحبّ ثروته كثيراً، أمّا جيف بيزوس فكان حريصاً ألا يستعجل آمازون إلى الأرباح على حساب النمو على المدى الطويل، لكنه يهتم شخصياً بالمال ويريد إستخدامه لإطلاق المركبات إلى الفضاء.
لا يبدو أنّ ستيف جوبز إهتمّ بهذا القدر بالمال، فهو عاش في منزل متواضع نسبياً، في حي للطبقة الوسطى في باو ألتو. كان يرتدي ببساطة. لقد اهتمّ بابتكار منتجات جميلة تنال إعجاب المستهلكين.
لكنّ الفارق بين ستيفز وزوكربرغ هو في استثمار مال شركاته. ففي حين أنّ الناس يحبّون فايسبوك، إلا أنهم لا يدفعون مئات الآلاف من الدولارات لاستخدامها بالطريقة التي يدفع فيها المستهلكون لآبل ليستعملوا منتجاتها.
الناس الذين يدفعون لفايسبوك هم المعلنون، ويبدو أنّ زوكربرغ لا يهتم إذا كانوا يحبّون التجربة أم لا، وهو كلّف أحداً للقيام بذلك من أجله.
بالإمكان أن يعزي المرء دوافع زوكربرغ لفايسبوك منذ البداية. هو لا يزال في جامعة هارفرد، وقد قال لأحد أصدقائه على الماسنجر الفوري: "أنا لا أعرف بالأعمال، وأكتفي بتقديم شيء رائع".
وفي النهاية، يترك القرار للمساهين، ما إذا ما كانوا يستطيعون التعايش مع هكذا تدابير!