تسجل

العائلات الاقتصادية الهندية كيف تستمر؟


أصدرت "باركليز ويلث"، مؤسسة إدارة الثروات العالمية، مؤخراً دراسة تتطرق إلى الرؤى المتعلقة بالطريقة التي يفكر بها أصحاب الأعمال العائلية في الهند لتطوير أعمالهم وضمان استدامتها على طويلة الأمد.

أظهر تحليل حمل عنوان "ضمان استمرار الأعمال: تفكير جديد في بناء القيادة المستدامة للأعمال العائلية في الهند"، أكثر من 200 من أصحاب الثروات الذين يعملون بصفة مالكين أو شركاء في مؤسساتهم المعنية؛ جاء هذا التحليل، الذي أعده دان اند برادستريت (D&B) بالتعاون مع باركليز ويلث، خمس مدن هي: مومباي ونيودلهي وبينجالورو وكولكاتا وتشيناي.

وفي انحراف كبير عن تخطيط الوراثة التقليدي الذي شهدناه حتى الآن في العائلات الاقتصادية، يكشف التقرير
أن الأعمال العائلية في الهند تعمل بشكل مستمر على دمج الإدارة العائلية مع الحوكمة المهنية لضمان استدامة المؤسسة على المدى البعيد.

وعلى عكس المفهوم العام للقول المأثور "الولد سر أبيه" يتحدث التحليل أن هذا القول يتلاشى مع أصحاب الثروات والمؤسسات. إذ تظهر الدراسة أن الرواد ينظرون بشكل متزايد الى أبعد من إطار الأسرة ورواد الأعمال من الجيل الأول لتقديم الرعاية اللازمة للمواهب الجديدة التي ستقوم بقيادة أعمالهم. وفي الوقت الذي يقوم فيه مشجعي هذا المنهج بالحفاظ على ملكيتهم المالية، فإن حوالي 70% ممن شملتهم الدراسة يفضلون تعيين مدراء مهنيين مستقلين ليؤدوا كافة أو معظم أعمال الادارة الخاصة بهم.

وأظهر التحليل أن العائلات الاقتصادية في مدينتي مومباي وبنجالورو تفضل، وبشكل متقارب، وجود مهنيين في مؤسساتهم ومن القطاع نفسه. أما دلهي وتشاناي وكولكاتا فأصحاب الأعمال العائلية فيها يفضلون مهنيون من داخل المؤسسة. وبذلك، أصبح تفضيل العائلة لشغل المناصب القيادية في الأعمال العائلية من آخر الأولويات مع العلم أن كالكوتا كانت أقل حماسا لوجود مهنيين من خارج الأسرة في المناصب القيادة (12%).

وكشفت التحليل أن أصحاب الأعمال العائلية الذين شملهم الاستبيان يجدون أن القدرة على صنع القرار هي أهم السمات المرتبطة بالقيادة ذات النوعية العالية، وتأتي مباشرة في المرتبة الثانية سمة التخطيط والتنفيذ. والجدير بالذكر أن كل من مومباي وكولكاتا يجدون بأن "صنع القرار" و "التخطيط" هم أكثر سمتين من حيث الأولوية. أما المشتركين من تشيناي فهم يفضلون القدرة على "صنع القرار" و "التنفيذ" في الوقت الذي اختار المشمولون بالدراسة من دلهي كل من "التخطيط" و "آداب المهنة" على أنهما السمتين الرئيستين للقيادة. وفي بنجالور فقد كانت "القيم" و " آداب المهنة " متساوية الأهمية لصنع القرار.

وبالنسبة لتصورات الأعمال العائلية حول القيادة، كشف التحليل عن اختلاف في التصور في مختلف المدن، حيث يشعر المشتركين في الاستطلاع من دلهي وبينجالور وتشيناي أن صفات القيادة متوارثة ولا يمكن غرسها. ويشكل هذا التفكير نقيض ما يعتقده من شملهم الاستطلاع من مومباي والذين يعتقدون أن الصفات القيادية يمكن أن تتطور مع التدريب والإرشاد.

ويعتبر معظم أصحاب الأعمال العائلية في الهند أن القدرة على صنع القرار هي الأكثر أهمية للقيادة الناجحة، كما تشكل هذه السمة المعيار الأكثر أهمية في عملية اختيار قائد لبناء بيئة عمل مستدامة. واحتلت القدرة على تعزيز الأعمال المرتبة الثانية من حيث الصفات الأكثر أهمية التي يجب الاهتمام بها أثناء اختيار قائد محتمل. والجدير بالذكر أن أصحاب الأعمال العائلية في الهند صنفوا "القيم" و "آداب المهنة" في مرتبة أعلى من "تعزيز مقترح الأعمال" وهو ما يعكس الثقافة الهندية التي تفضل الفضائل على مكتسبات العمل.

كما تطرقت الدراسة إلى بيئة العمل، حيث وجدت إن الأنظمة الفعالة والمجتهدة مرفقة بالقيادة القوية يبرزان كمكونات مهمة لبناء بيئة عمل مستدامة على المدى الطويل. فأكثر من 90% ممن شملتهم الدراسة يجدون بأن الحوكمة تشكل أيضا عاملا أساسيا لاستدامة الأعمال في المدى البعيد. هذا بالإضافة إلى أهمية الحوكمة في الحفاظ على العلامة التجارية واستقرار شهرة الشركة والأعمال. 

هذا وقد اعتبرت الحوكمة مهمة أيضا في بناء سمعة الشركة وايجاد القنوات للاستثمارات الاستراتيجية. وربط أكثر من 80% ممن شملتهم الدراسة هذا الأمر، كونه يمثل عنصرا هاما، في بناء السمعة في مجال الأعمال والمقدرة على زيادة رأس مال المؤسسة. وقد كان هذا التفكير واضحا لدى أصحاب الأعمال العائلية الذين كانت لديهم خطط لزيادة رأس المال من خلال اكتتاب عام. وأبدى 63% من هؤلاء أن الحوكمة تشكل الأهمية القصوى في نجاح الاكتتاب.
وقال ساتيا بانسال، المدير التنفيذي لباركليز ويلث في الهند: "يعكس التحليل نقلة نوعية في عملية تفكير أصحاب الأعمال العائلية حول رغبتهم في التعامل مع توارث الأعمال. ومن الاكتشافات المهمة أن الأعمال العائلية في الهند أصبحت تفرق بين خلافة الأعمال والعائلة وهم يرغبون في تعيين مهنيين قادرين يقومون بالتركيز على استمرارية أعمالهم. الأمر الذي يوفر لهم منفعة مزدوجة تضم تجهيز العمل بشكل مهني للنمو على المدى الطويل وإيجاد فرص إستراتيجية للتنويع ضمن مجموعتهم. وهذا التفكير الجديد يلقي الضوء على نظرة أصحاب الأعمال العائلية تجاه الخلافة وبشكل أكثر انفتاحا وادراكا".