تسجل

الأعمال الدرامية خلال شهر رمضان تسبب التخمة للمشاهد وتحرمه من التمتع بها طوال العام

عددت أشكال وألوان المحتوى الإعلامي العربي الذي تطرحه وسائل الاعلام المرئي والمسموع والمكتوب والمحطات التي تبث برامجها عبر الانترنت أو حتى شبكات التواصل الاجتماعي، وغيرها الكثير.
ومع الانتشار الكبير لمستخدمي الانترنت في الوطن العربي وخاصة بين جيل الشباب الا أن العالم العربي لا يزال يعتمد على القنوات التلفزيونية كمصدر أساسي للمحتوى الاعلامي الترفيهي والاخباري. حيث وصل عدد المحطات التلفزيونية المجانية هذا العام الى 538 والتي تبث على مدار 24 ساعة وتتفاوت نسبة مشاهدة هذه المحطات اعتماداً على المحتوى الاعلامي الترفيهي والسياسي والتعليمي الذي تقوم بتقديمه.

ومع الانفتاح الكبير الذي يشهده الاعلام العربي ومع اتساع فترات البث وكثرة المحطات الفضائية في الوطن العربي، أصبح هناك اعتماداً كبيراً على استيراد البرامج الأجنبية والتي انتشرت انتشاراً واسعاً وطغت على حصة المبدعين العرب حتى باتت تحرمهم من اظهار مواهبهم وقدراتهم التي بدأت بالظهور والايناع مؤخراً.

وأصبحت الابداعات في المحتوى الترفيهي العربي تقتصر على شهر رمضان الكريم فقط، فيبدأ التنافس الشرس بين المحطات التلفزيونية التي تعمل جاهداً لانتاج البرامج والمسلسلات أملاً في الحصول على أعلى نسبة مشاهدة.

ويبقى السؤال لما لا تقوم هذه المحطات او مراكز الانتاج على توزيع المحتوى العربي الجيد طوال العام بدلاً من التسبب في تخمة للمشاهد خلال شهر رمضان الكريم؟

قال جواد عباسي المدير العام لمجموعة المرشدون العرب - شريك الأبحاث للمعرض الترفيهي الشامل: "يعتبر شهر رمضان من أكثر الأشهر استهلاكاً للأعمال الدرامية والبرامج والمسلسات الغنية من حيث المحتوى والانتاج وطريقة العرض. حيث يعمل المنتجون جاهداً للتنافس خلال شهر رمضان بتقديم أبرز الأعمال والبرامج التلفزيونية ساعين لنيل رضى المشاهد. ولا تقتصر المنافسة على البرامج والمسلسات فحسب، بل تبدأ المنافسة بين المحطات الفضائية والتي يقوم بعضها بانتاج بعض الأعمال وتقديمها بطريقة انفرادية للتميز. كذلك فان رمضان شهر يزيد في استهلاك كثير من السلع فيشهد كذلك زيادة في زخم الطلب على الاعلانات لدى القنوات المفضلة، وهو ما يساهم ايضا في تحفيز الطلب على المحتوى الجديد في رمضان".

وأضاف جواد عباسي، "تكثر الجلسات الاجتماعية والعائلية خلال شهر رمضان، هذا بالاضافة الى فترات الدوام القصيرة مما يتيح للمشاهد قضاء وقت أكبر في مشاهدة البرامج التلفزيونية، وهذا الأمر يشجع المنتجين على المثابرة على تقديم الأجدد والأبرز والأمثل خلال الشهر الفضيل. لكن هذا لا يعني أن المحتوى الاعلامي يختفي طوال العام، بل هناك أعمال درامية عربية يتم عرضها خلال العام، الا أنها تبلغ هذه الأعمال ذروتها في رمضان."

لكن المنافسة تبقى مستمرة بين المحتوى العربي والمحتوى الأجنبي، على الرغم من تأكيد بعض الخبراء في هذه الصناعة على أن المحتوى العربي في تقدم مستمر ولو كان بطيئاً. ويعتقد البعض الآخر أن المحتوى العربي بات أفضل من المحتوى الأجنبي من ناحية المحتوى، وتعليقاً على هذا الموضوع قال جواد بأن الاعتماد على دبلجة وترخيص البرامج الأجنبية لا يزال رائجاً خاصة برامج تلفزيون الواقع، لكن هناك أيضاً بعض البرامج العربية والتي تلاقى نجاحاً كبيراً في العالم العربي.

وقال جواد عباسي أيضاً: "يجب أن لا ننسى أن المنطقة العربية يقطن فيها نسبة كبيرة من غير العرب أيضاً، وتقوم محطات عدة ببث البرامج الأجنبية لارضاء تلك الفئة الموجودة في العالم العربي، بالاضافة الى محبي تلك البرامج من العرب أيضاً."

ولكن البرامج الأجنبية المرخصة باتت ليست الشريك الوحيد للمحتوى العربي في المنطقة، بل هناك منافس قوي جداً وهو المسلسلات التركية التي تشهد نسبة مشاهدة عالية جداً في الوقت الراهن وتحوز على نصيب الأسد من المحتوى التلفزيوني في المنطقة. ويعتقد البعض بأن الدراما التركية المدبلجة الى العربية تعتبر جزءاً لا يتجزأ من صناعة الدراما في المنطقة العربية.

حيث استطاعت المسلسلات التركية بالحصول على مراتب متقدمة لدى المشاهد العربي خلال فترة قصيرة وذلك لعدد من الأسباب منها: الانتاج الضخم والاهتمام بالتفاصيل بالاضافة الى أن المسلسلات التركية يتم توزيعها على عدد كبير من الحلقات والأجزاء، لذا فيرتبط المشاهد بالقصة لفترة طويلة حتى يتعايش معها على عكس المسلسلات العربية التي تكون مدتها على الأغلب 30 حلقة فقط.

المحتوى هو الملك! هذا ما يجمع عليه جميع العاملين في صناعة المحتوى والانتاج التلفزيوني، ويعتبر المحتوى المحلي هو مفتاح النجاح الرئيسي لنمو صناعة التلفزيون في العالم العربي، والذي شهد تطوراً ملحوظاً خلال العامين الماضيين.
بالاضافة الى التوسع الذي تشهده أسواق المنطقة وبالأخص التوسع في الأعمال الدرامية الذي تشهده دول الخليج ومصر وسوريا، وهذا ما يزيد من التنافس اللذي ينعكس على الأعمال الدرامية الجيدة.

تحمل أفلام الرسوم المتحركة رسالة تثقيفية وحضارية في العالم العربي، الى أنها تعتبر من الصناعات التي تشهد نمواً بطيئاً والذي بات معدوماً في الآونة الأخيرة وذلك لتخوف شركات الانتاج على تنفيذ أفلام الكرتون المحلية التي تتطلب جهداً كبيراً وميزانية عالية جداً بالاضافة الى عدم وجود داعمين لهذه الفكرة. ويقول الخبراء الى أن حجم الانتاج السنوي لصناعة الأفلام المتحركة قي الولايات المتحدة الأمريكية يصل الى 40 مليار دولار وحجم السوق لمنتجاتها وصل الى 400 مليار دولار.

وتشهد أفلام الكرتون والرسوم المتحركة تطوراً كبيراً أيضاً في المنطقة، حيث قامت بعض شركات الانتاج بشراء ترخيص بعض المحطات الأجنبية وتعريبها لتقوم بتقديم محتوى عربي 100% لجمهور العالم العربي. ولكن ما هو حجم الانتاج العربي لرسوم الكرتون؟

تقول ناتالي حبيب، المدير العام والمنتج التنفيذي في بلينك ستوديوز: "من الصعب جداً تقييم نسبة انتاج الرسوم المتحركة والانيميشن في المنطقة، ولكن من المؤكد أن هناك زيادة في الانتاج تشهدها هذه الصناعه وخاصة للعرض خلال شهر رمضان المبارك. وتسعى جهات البث بشكل عام على تبني كل ما هو جديد ومبتكر للحصول على أعلى نسبة مشاهدة. ولكن الاستثمار في ابتكار محتوى كرتون عربي غني لا يتمتع بالدعم المطلق كون قنوات التلفزة تفضل شراء برامج الكرتون الأجنبية الجاهزة ودبلجتها الى العربية."

وأضافت أيضاً: "اعتمدت أعمال الكرتون التي لاقت رواجاً خلال الخمس سنوات الماضية على الدعم الذي تقدمه بعض الجهات المعنية وتقوم هذه الأعمال بالتركيز على الجانب التراثي للمنطقة التي يتم اصدار العمل منها، مما يجعلها غير قادرة على النجاح خارج تلك المنطقة."

وقالت الآنسة نتالي مضيفة: "للأسف، الميزانيات المخصصة للانتاج الاعلامي في المنطقة نادراً ما تقوم بتخصيص نسبة منها لأعمال الكرتون وانتاجها وتطويرها، بالاضافة الى قلة وجود خبرات وكوادر مدربة في هذا المجال، وليس في مجال الكرتون فقط بل تفتقد المنطقة الى الخبرات الحقيقية التي تقوم بكتابة النصوص وتطويرها. أيضاً، ليس هناك معاهد أو مراكز تدريب متخصصة كافية تعمل على اثراء المعرفة لتلك الفئة او للراغبين بالدخول فيها. نحن نفخر بأننا في بلينك ستوديوز نقوم باحتضان الكثير من الموهوبين من المنطقة العربية ونحن نأمل أنه وعلى المدى القريب سنقوم الشركات الأخرى باستبدال الكفاءات الأجنبية واستبدالها بكوادر عربية مدربة."

وتعزيزاً لصناعة المحتوى التلفزيوني والترفيهي، تقوم امارة دبي كل عام باستضافة "المعرض الترفيهي الشامل" وهو الحدث الأبرز والمختص في هذه الصناعة وهو المظلة الرئيسية التي تضم ثلاث معارض مترابطة ومختصة: معرض المحتوى ومعرض دبي العالمي للألعاب الالكترونية ومعرض دبي الدولي للشخصيات الكرتونية والتراخيص. ويجمع "المعرض الترفيهي الشامل" أكبر عدد من المستثمرين وأصحاب الأعمال والمختصين في قطاع الانتاج التلفزيوني والاذاعي والمحتوى الاعلامي ومطوري الألعاب اللإلكترونية والموزعيين والناشرين وتجار التجزئة والمبدعين في هذا المجال من منطقة الشرق الأوسط وجنوب أفريقيا والعالم بالاضافة الى ممثلي الشركات المصنعة والمبدعين والمصممين والشركات التجارية العاملة في مجالات الاستيراد والتوزيع تحت سقف واحد.

ويقوم المعرض الذي ستنطلق فعالياته من 27 الى 28 نوفمبر في مركز دبي الدولي للمؤتمرات والمعارض بالقاء الضوء على أهمية تطوير المحتوى العربي والاستفادة من الخبرات والتقنيات المعتمدة في التجارب الناجحة لبعض الدول العربية في هذا المجال. وتضم المؤتمرات المرفقة أجندة ومحاور متخصصة ستقوم بتحقيق اضافة علمية وتقنية للقائمين على هذه الصناعة. ويسعى الحدث والذي يعتبر الأكبر على نطاق المنطقة، إلى توفير فرص اللقاء الأكاديمي والبحثي بين المتخصصين والمهتمين في المجال لإبراز تأثيرات الفجوة الرقمية وأبعادها البيئية والتعليمية والاجتماعية والاقتصادية على مستوى عالمنا العربي.