في واقعة غريبة باع الفنان الإيطالي سلفاتوري غاراو، منحوتة فنية غير مرئية بعنوان "أنا" مقابل 18 ألف دولار.
والغريب أن العمل لا وجود له إلا في مخيلة الفنان، والأغرب من ذلك أن أحد الأشخاص الذين يعشقون الفن اشترى المنحوتة، وحصل على شهادة ضمان تدل على أصالتها.
وباع الفنان المساحة الفارغة عبر Art-Rite، التي كانت مجلة أمريكية فنية مجانية التوزيع، ثم تحولت إلى دار لتنظيم المزادات بنيويورك، ودفع المشتري 15 ألف يورو، تعادل 18.300 دولار الخميس بمزاد في مدينة ميلانو بالشمال الإيطالي.
وأشار الفنان في موقعه الإلكتروني الى الفراغ الذي باعه، ولأنه "عمل فني" غير مرئي، لذلك يستحيل إعادة إنتاجه، إلا أن مساحته محددة، جعلها الفنان مربعة، بحسب ما نقلت عنه الدار المنظمة للمزاد.
ويمكن لأي زائر للغرفة أن يدخلها في ما بعد، ليتخيل "المنحوت" الفارغ فيها، ثم يخرج شاعرا أنه رأى عملا فنيا، وهذه هي روح الفن السريالي، العابر من الواقع إلى الباطن بأبعاد جمالية افتراضية، تجذب هواة ومحبي هذا الفن بالذات، ومنهم الشخص الذي اشترى النحت الافتراضي غير المرئي، لأنهم يعتبرون أن الشعور بجمالية العمل الفني، أو تخيلها، أهم من رؤيته.
وهذه ليست المرة الأولى التي يعرض فيها سلفاتوري غاراو منحوتاته غير المرئية، ففي فبراير الماضي فعل الشيء نفسه عبر أول تركيب غير مادي، سماه "بوذا المتأمل" وظهر في ميلانو، من دون أن يرى أحد شيئا منه على الإطلاق، بل أشار إليه بمربع رسمه على الأرض في ساحة بالمدينة، ولم يستغرق رسمه أكثر من دقيقتين، وتوقع أن يبقى مئات السنين.
والضمان الوحيد والمرئي، لوجود عمل فني غير مرئي وغير ملموس، بل محسوس فقط، هي شهادة يحصل عليها المشتري، تؤكد ملكيته الحصرية للنحت الافتراضي، وفيها توقيعه وختم منه.
ويعتقد عدد كبير من نقاد النحت غير المرئي، أنه يأخذ الفن الحديث إلى مستوى من المبالغة الشديدة إلى الدرجة العدمية.
لكن غاراو قال إن ما عرض بيعه بالمزاد فراغ، والفراغ هو كل شيء، وليس لا شيء على الإطلاق، شارحا أن نتيجة المزاد تشهد بأن الفراغ ليس أكثر من مساحة مليئة بالطاقة، والطاقة تتكاثف وتصبح جسيمات، وفق تعبيره.