تحتفل دار المزادات العالمية كريستيز في شهر مارس المقبل بمرور عشرة أعوام على بدء مزاداتها في الشرق الأوسط وبتنظيم موسم مزاداتها العشرين في المنطقة في فندق جميرا أبراج الإمارات في قلب دبي. وفي إطار احتفالاتها بهذه المناسبة المهمة، سيتضمن مزادها للفنون الحديثة والمعاصرة المقرر في 16 مارس المقبل قسماً خاصاً بعنوان NOW AND TEN يشمل 40 لوحة لكوكبة من أشهر الفنانين في منطقة الشرق الأوسط مستمدة من مقتنيات شخصية، من ضمن المجموعة الكاملة للمزاد التي تضم 125 عملاً فنياً.
قسم خاص يقدم 40 تحفة فنيّة ضمن مزاد الفنون الحديثة والمعاصرة احتفالاً بمرور عشرة أعوام على انطلاق مزادات كريستيز في الشرق الأوسط
وتتصدَّر قسم NOW AND TEN لوحة «سراييفو» للرسام التشكيلي المصري عمر النجدي (القيمة التقديرية: 400.000-600.000 دولار أمريكي؛ اللوحة أعلاه). وانضمت هذه الرائعة المتحفية الفذة التي رُسمت في أبريل 1992 إلى مجموعة المقتنيات الشخصية للسفيرة فرانسين هنريخ في عام 1993، وتُعرض للمرة الأولى ضمن مزاد علني.
ويتضمن مزاد الأعمال الفنية الحديثة والمعاصرة المرتقب ومعه القسم الخاص NOW AND TEN ما مجموعه 125 عملاً فنياً اختيرت بعناية متناهية لتجسيد الحركة الفنية والإبداعية الشرق أوسطية بأبعادها ومدارسها المختلفة، ومن المتوقع أن تحصد هذه الأعمال ما يقارب 9 مليون دولار، وهذه أعلى تقديرات أولية سابقة لانعقاد المزاد منذ انطلاقة مزادات كريستيز في المنطقة قبل عشرة أعوام، في مؤشر على متانة سوق الأعمال الفنية الإقليمية وتنافُس المقتنين حول العالم على اقتناء أعمال الفنانين الشرق أوسطيين.
القسم الخاص NOW AND TEN
رسم الفنان التشكيلي المصري عمر النجدي (وُلد 1931) «سراييفو» في أبريل 1992، ويقول العديد من النقاد إن هذه اللوحة الثلاثية التي يبلغ ارتفاعها 3 أمتار وطولها نحو 11 متراً هي أهم أعمال عمر النجدي على الإطلاق، بل وأكثر أعماله طموحاً من حيث تعقيدها وموضوعها وتعابيرها وقيمتها التذكارية. وفي هذه اللوحة يرسم عمر النجدي المذابح التي حصدت أرواح إخوانه البوسنيين في سراييفو. ويقول نقاد الفن المعاصر إن لوحة «سراييفو» من بين أهمِّ اللوحات المؤثرة التي صوَّرت فظائع الحرب منذ عام 1937، وهو العام الذي أنجز فيه بابلو بيكاسو رائعته الخالدة «غرنيكا» Guernica التي استوحاها من قصف عاصمة إقليم الباسك «غرنيكا» أثناء الحرب الأهلية.
ويقدم المزاد أيضاً لوحة "المقاهي الملتَهَمة" للفنان التشكيلي اللبناني شفيق عبود (1926-2004) التي تتألف من 130 نقشة جدرانية (تيمبيرا) فردية تجسّد ما يصفه بالمقاهي الملتَهَمة في بيروت، المدينة التي أحبها (القيمة التقديرية: 300.000-400.000 دولار أمريكي). وهذه اللوحة التي أنجزها شفيق عبود في عام 1990 مأخوذة مباشرة من تركته، وكانت هذه النقشات الجدرانية تزيِّن جدران غرفة نومه في شقته الباريسية التي عاش فيها من عام 1977 إلى حين وفاته. وتشير "المقاهي الملتَهَمة" إلى ثقافة المقاهي المتلاشية بعد أن شاعت وانتشرت ببلدان عربية عدة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين. وبدأت ثقافة المقاهي بالتلاشي تدريجياً ومعها الملتقيات الفكرية والسياسية والإبداعية التي نشأت من رحم هذه المقاهي وشكَّلت جوهر الحركة الفنية والأدبية اللبنانية الحديثة.
لوحة «البراق»
وتُعد لوحة «البراق» من أشهر أعمال الرسام التشكيلي العراقي كاظم حيدر (1932 – 1985) (القيمة التقديرية: 200.000-250.000 دولار أمريكي؛ اللوحة إلى اليمين). يُذكر أن الروائي والناقد التشكيلي الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا أورد صورة للوحة في كتابه الشهير «جذور الفن العراقي» (1983) لأهميتها الخاصة في الحركة التشكيلية العراقية، وهذه اللوحة في الأصل جزءٌ من مقتنياته الشخصية. ولوحة «البراق» امتداد لأشهر مجموعة أعمال أنجزها كاظم حيدر بعنوان «ملحمة الشهيد» (1965)، وهي ترتكز إلى قصيدة كتبها عن استشهاد الإمام الحسين في معركة كربلاء.
وعن هذه اللوحة، تقول ماسة الكتبي، أخصائية الفن الحديث والمعاصر في كريستيز: "«البراق» للفنان التشكيلي العراقي كاظم حيدر لوحة أخاذة من فنان له بصمة فارقة في تاريخ الفن العراقي. ومن النادر العثور على أعمال له بمثل هذه الجودة، لا سيما من سلسلة لوحاته «الشهداء»، لذا تمثل هذه اللوحة إضافة مثالية للقسم الخاص من مزاد كريستيز المرتقب في إطار احتفالنا بمرور عشرة أعوام على انطلاقة مزاداتنا في المنطقة كأحد الأعمال الفنية العراقية الفذة. وهذه اللوحة مأخوذة من مقتنيات الناقد التشكيلي الراحل جبرا إبراهيم جبرا الذي يُعد في طليعة النقاد الذي ساهموا في تدوين حياة الرسامين والنحاتين العراقيين وحركة الفن العراقي".