
العجز النقدي أو المالي تم التعرف عليه من قديم الزمان، حيث كان الإمبراطور او الملك يقوم ببيع ممتلكات الدولة ويفرض الضرائب على المواطنين لتمويل النفقات العامة.
وأول مرة ظهر فيها العجز المالي كان في مدينة أثينا باليونان، وقد استشارت ملكتها في ذلك الوقت مستشاريها ونصحوها بغزو المزيد من البلاد وذلك حتى تتمكن من جلب الثروات من الخارج للدولة.
وفي زمن الدولة العباسية عام تسعمائة وثمانية عشر في عهد الخليفة المقتدر بالله ظهر عجز مالي في الدولة وطلب على إثرها وزير الدولة ابن الفرات إطلاق مئتي ألف دينا للخليفة من بيت المال الخاص به، ولكن الخليفة رفض الأمر وخلع ابن الفرات، وتجدد ظهور العجز في الدولة عام تسعمائة وتسعة وعشرين ميلادياً واضطر الخليفة المقتدر بالله إلى بيع ممتلكاته وبعض أراضيه والاستدانة من التجار.
العجز في العصور الوسطى:
في العصور الوسطى ظهر العجز النقدي في أوربا، وقامت الممالك الاقطاعية بعدها بفرض الرسوم والضرائب، ما أدى إلى هروب الفلاحين باتجاه المدن، واسفر ذلك عن انهيار النظام الاقطاعي هناك، وفي العصر الحديث عام الف وثمانمائة وأربعة وأربعين ظهر هذا العجز في بريطانيا، ولم تتمكن الحكومة البريطانية من فرض ضرائب جديدة، وبالتالي اضطرت إلى اللجوء إلى المصارف والاقتراض منها ووصل مبلغ القرض إلى ثمانية عشر مليون وأربعمائة من دون تغطية ذهبية وذلك بهدف تمويل العجز الحاصل في الموازنة للدول وذلك على شكل سندات سيتم تسديدها لاحقاً.
وخلال الحرب العالمية الثانية أًصبح العجز المالي سمة العصر في تلك الفترة ولم تتمكن أي دولة من تحقيق التوازن المالي وذلك لأن نفقات تلك الدول تجاوزت بصورة كبيرة كافة الإيرادات العامة، وهناك سبب أخر هو انتشار أفكار المدرسة الكنزية في دول أوربا والدول النامية القائمة على دور متميز لاقتصاد الدول، وهذا الدور غير قائم على العجز المالي فحسب بل سيؤدي إلى استمرار حصول العجز المالي.
أهمية العجز المالي:
العجز المالي لا يعتبر عيباً ولا يقلل من هيبة الدولة بل يؤكد على أن الحكومات تقوم بمشاريع اقتصادية واجتماعية سينتج عنها توازن اقتصادي ثم توازن مالي، ولا يمكن الوصول إلى التوازن الاقتصادي إلا إذا كان العجز في الموازنة مسموحاُ به، وذلك لتحقيق أهداف اجتماعية واقتصادية.