لطالما تساءل الكثيرون عن قيمة المكافآت المالية التي يحصل عليها أبطال الألعاب الأولمبية. والحقيقة أن الصورة ليست كما يتوقعها البعض. فبينما تكتفي اللجنة الأولمبية الدولية بمنح البطل هدية تذكارية دون أن تقدم أي مكافآت مالية، تختلف سياسات الدول بشكل كبير في هذا الشأن.
فبعض الدول تقدم حوافز مالية ضخمة لأبطالها، بينما يضطر آخرون للاكتفاء بشرف التمثيل، ونخص بالذكر أبطال بريطانيا. هذا التباين الواضح يكشف عن تفاوت كبير في تقدير الرياضيين وإنجازاتهم حول العالم.
أعلى المكافآت
وتتصدر سنغافورة جدول حوافز ومكافآت الأبطال الأولمبيين، حيث تمنح كل رياضي يتوج بميدالية ذهبية 744000 دولار وهو ما يعادل 20 ضعفاً لما يحصل عليه الرياضي الأمريكي في حال حصوله على ذهبية في الأولمبياد، حيث يحصد 37500 دولار!
وتأتي هونغ كونغ في المركز الثاني من حيث "الكرم" في مكافآت الأبطال، إذ ترصد لصاحب الذهبية الأولمبية 644000 دولار و322000 دولار للمتوج بفضية و161000 دولار لمن يحصل على ميدالية برونزية.
وتحل كازاخستان ثالثة في جدول الدول الأعلى مكافآت للأبطال الأولمبيين، حيث تمنح صاحب الذهبية 250000 دولار و150000 للمتوج بفضية بينما يحصل صاحب البرونزية 75000 دولار.
ويتضح جلياً أن الدول الآسيوية تتفوق على نظيرتها الأوروبية في مكافآت وحوافز أبطال الأولمبياد. وتعد إيطاليا الأكثر سخاءً في أوروبا، حيث تمنح المتوج بميدالية ذهبية 212400 دولار و106200 دولار لمن يحرز فضية و70800 دولار للمتوج برونزية.
حوافز متواضعة
وعلى الرغم من قدراتها المالية الضخمة فإن الولايات المتحدة الأمريكية تخصص مكافآت متواضعة لأبطال في الأولمبياد، حيث تمنح أصحاب الذهبية 37500 دولار فقط، وهو مبلغ ضعيف مقارنة بدول أخرى. ولا يحصل الرياضي الأمريكي المتوج بفضية سوى على 22500 دولار، ويجني صاحب البرونزية 15000 ألف دولار!
ولكن البطل في أمريكا يجني عشرات الملايين من الشركات الراعية له. كما يحصل من الحكومة على مساعدات اجتماعية مثل البطاقة الصحية وامتيازات للتعليم الجامعي.
وفي اليابان يحصل المتوج بالذهب أولمبياً على 45200 دولار، والحاصل على الفضية على 18100 دولار، والفائز ببرونزية على 9045 دولاراً فقط. ولا يختلف الأمر كثيراً في ألمانيا حيث تمنح الحكومة الأبطال الأولمبيين مكافآت متواضعة جداً: الذهبية 22000 دولار والفضية 17000 دولار والبرونزية 11000 دولار!
ومن المفارقات الغريبة في مكافآت الأبطال الأولمبيين أن الدول الأكثر تتويجاً على مر التاريخ بميداليات الأقل سخاءً في تحفيز الرياضيين، بينما ترصد الدول الأقل تتويجاً بميداليات وصاحبة السجل الضعيف أرقاماً مغرية للرياضيين.
لا حوافز في بريطانيا
وعلى خلاف أغلب دول العالم لا تمنح بريطانيا الرياضيين المتوجين بميدالية أولمبية مكافآت أو حوافز تشجيعية. بل ترصد سنوياً ميزانية قدرها 162 مليون دولار لتغطية تكاليف تدريبات الرياضيين الأولمبيين والبارالمبيين.
وتخصص 36 ألف دولار لكل رياضي أولمبي في شكل رواتب لتغطية تكاليف التدريبات والسفر والمعسكرات.
وفي الفلبين مثلاً يختلف الوضع والمقاييس، حيث يجني البطل الأولمبي 600 ألف دولار وعدد 2 فيلا وتذاكر سفر مجانية مدى الحياة! وتمنح ماليزيا أبطالها الأولمبيين رواتب مدى الحياة، حيث يحصل المتوج بميدالية ذهبية على 1200 دولار شهرياً، وصاحب الفضية 709 دولارات شهرياً، والفائز ببرونزية يستلم شهرياً 473 دولاراً.
شركات الرعاية في أمريكا
تمثل شركات الرعاية في أمريكا واليابان الدجاجة التي تبيض ذهباً بالنسبة للرياضيين، حيث تعوض لهم المكافآت الحكومية المتواضعة. ويجني الأبطال الأولمبيين مداخيل خرافية، فنجمة التنس اليابانية ناعومي أوساكا جمعت 55 مليون دولار من شركات الرعاية خلال سنة واحدة. وأسطورة السباحة الأمريكية، صاحب الـ 28 ميدالية أولمبية، جنى سابقاً 60 مليون دولار من الشركات الراعية له! وتقدر مداخيل نجم السلة الأمريكي كيفن دورانت من عقود الرعاية 40 مليون يورو.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية لا تصرف الحكومة على البطل الأولمبي إلا القليل، السفر ومصاريف أخرى بسيطة، بينما تتكفل شركات الرعاية بكل حاجيات الرياضي من تدريبات ومعسكرات وأجور الطاقم الفني والطبي والنفسي وغيره.
مكافآت العرب
عربياً، ترصد الإمارات مليون درهم للفائز بميدالية أولمبية، وذلك حسب ما أعلنت الهيئة العامة للرياضة عام 2021. وخصصت مصر 4 ملايين جنيه (84 ألف دولار) لكل متوج بذهبية في أولمبياد باريس حسب ما أفاد به أشرف صبحي وزير الرياضة المصري قبل انطلاق الألعاب. بينما سيحصل الفائز بفضية على 3 ملايين جنيه، وصاحب البرونزية 2 مليون جنيه مصري. وفي المغرب يحصل المتوج بذهبية على 200 ألف دولار ويجني صاحب الفضية 125 ألف دولار بينما يستلم الفائز ببرونزية على 75 ألف دولار. ومنحت تونس أبطالها الأولمبيين 35 ألف دولار للمتوج بالذهب و25 ألف دولار للفائز بالفضة و15 ألفاً للحاصل على البرونز.
مكافأة غير المتوج!
إذا كان المتوج بميدالية أولمبية يحصل على مكافأة حكومية أو من شركات راعية تضمن له مستقبله بعد نهاية مسيرته الرياضية، ما مصير الرياضي الذي اجتهد وتدرب وكافح لسنوات طويلة ولكنه لم يتوفق في التتويج، وليس كل رياضي يتأهل إلى الألعاب الأولمبية سيحصل بالضرورة على ميداليات، لأن عدد الميداليات محدود، ولا بد من فائز ومنهزم، هذا قانون اللعبة. هل يذهب شقاء السنين سدى؟ أغلب الدول تتجاهل الرياضي غير المتوج ويضطر للتعويل على نفسه ودفع الضريبة غالياً، باستثناء دول نادرة في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تمنح راتباً سنوياً لكل مشارك في الأولمبياد حصل على أحد المراكز الـ 10 في تخصصه يقدر بـ 15000 دولار.
شكاوى
ومع أن اللجنة الأولمبية الدولية لا تمنح المتوجين في الأولمبياد مكافآت مالية فإنه من المفارقات الغريبة أنها تمنح لأعضائها مكافأة قدرها 7000 دولار مقابل حضور ومتابعة الألعاب لمدة أسبوعين!
من جهة أخرى عبر 58 % من الرياضيين، في استفتاء سابق، عن معاناتهم في الإعداد للمشاركة في الألعاب الأولمبية، حيث لا تتوفر لهم الإمكانات المالية اللازمة لتمويل تدريباتهم ومعسكراتهم وصرف أجور مدربيهم وطواقهم الخاصة.
بعد الاعتزال
يخطط أغلب الأبطال الأولمبيين إلى أن يصبحوا مدربين في المستقبل، بعد الاعتزال، لأنهم يعلمون وتعلموا من خلال تجاربهم أن الرياضيين يمنحون رواتب مشجعة جداً للمدرب الحاصل سابقاً على ميدالية في الألعاب الأولمبية، حيث له من الخبرة والتجربة والمهارة ما يؤهله لوضع جدول تدريبي مجد قد يقود الرياضي إلى تتويجات أولمبية.