ما إن تبدأ عجلة الأيام في شهر رمضان بالدوران وتتلاحق أيامه سريعاً حتى يبدأ الناس بمختلف مشاربهم التجهيز والإعداد لطقوس عيد الفطر ومكانته الجليلة، وعلى الرغم من تشابه عادات المؤمنين في البلدان العربية خلال عيد الفطر المبارك، لدى بعض الشعوب والدول عاداتها التي تختص بها دون غيرها.
وإن كانت صلاة العيد وزيارات الأقارب وصلة الرحم واحدة.. وقد تختلف الأشكال والألوان، وقد تتباين اللغات، لكن تبقى القلوب موحدة في شتى أنحاء العالم العربي والإسلامي. وينعكس هذا التوحّد في العديد من مظاهر الحياة، ومن بينها مناسبة عيد الفطر السعيد، فهو مناسبة احتفالية مفرحة تعم البلاد بأسرها، تسعد الصغار كما تسعد الكبار، لما فيه من توادّ وتراحم الناس والأقارب في ما بينهم، وتبادل التهاني والتبريكات.
وللعيد بصمته الخاصة في دولة الإمارات، من خلال عادات وتقاليد راسخة تجمعها بكثير من المجتمعات الخليجية في هذه المناسبة السعيدة.
تتسم مباهج العيد في الإمارات بالموروث الشعبي الذي يحرص عليه الآباء والأسرة عموماً، بدءاً من الخروج إلى مصليات العيد في الصباح لتنطلق الألسن بالتكبير والتهليل معلنة بداية مظاهر اليوم الأول بتأدية هذه الشعيرة المباركة.
ثم يأتي بعدها تبادل التهاني والتبريكات بين الأهل والأقارب، ثم يجتمع أفراد كل منطقة في مجلس عام أو في منزل إحدى الشخصيات الاجتماعية البارزة يتبادلون خلاله التهاني ويتناولون وجبات العيد الشعبية المتعارف عليها، كوجبة الهريس المعروفة، والحلوى العمانية والقهوة العربية، وذلك في أجواء عائلية تنمّ عن الترابط والتكامل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.
وعند ساعات ما قبل الغروب تصطف فرق الفنون الشعبية في الساحات والميادين العامة مطلقة أهازيجها بالتزامن مع أدائها الحركي المتميز (كالعيالة والحربية)، التي عادة ما تتغنى في هذا اليوم بهذه المناسبة السعيدة.
وعلى مائدة الغداء أول يوم العيد يجتمع الأهل والأقارب والأصدقاء على وليمة تتكوّن عادة من أنواع السمك وأخرى من اللحم والمرق، ومنذ فترة طويلة تتوارث الأجيال ديمومة هذه العادات التقليدية التي يحرصون على أدائها باستمرار.
والفرحة الكبرى عادة ما تكون من نصيب الأطفال بفرحهم بالعيد والعيدية، حيث يجهزون ملابسهم الجديدة منذ الليل احتفاءً بأول أيام عيد الفطر. وبعد عودتهم مع آبائهم من صلاة العيد يعودون ليطوفوا على بيوت الحيّ ويجمعوا العيدية من الأقارب، ثم يتوجهون إلى ساحة العيد يلعبون ويشترون الحلوى والبيض الملوّن ويلعبون بالأراجيح التي تُنصب خصيصاً لأيام العيد.
كذلك تحرص العائلة الإماراتية على إعداد تجهيزات خاصة تتعلق بأطباق الطعام الخليجية المتميّزة وأصناف الشراب والحلويات والخبز بشتى أنواعه ومنها (الخنفروش والخبز المحلى والرقاق والجباب والخبيصة والهريس واللقيمات)، إضافة إلى أشكال أخرى من الحلويات والقهوة العربية وأنواع مختلفة من التمور التي تقدَّم في وجبات الصباح.
والنساء لهنّ أيضاً نصيب من هذه الاستعدادات، حيث تستعد الفتيات والسيدات لنقش أيديهن بالحناء الحمراء ليلة العيد بفنون وأشكال ورسوم عجيبة وألوان مختلفة، وفي هذه المناسبة السعيدة لقلب كل مؤمن تزيّن الجهات الحكومية المختصة الشوارع والميادين بالأعلام واللوحات الضوئية التي تكتب عليها عبارات معايدة مثل "عساكم من عواده.. أو مبارك عليكم العيد".