لربما تكون بودابستBudapest العاصمة الوحيدة في العالم التي تشكلت بعد إتحاد مدينتين مع بعضهما البعض - "بودا" و"بست". ولمعرفة المزيد عن هذه التسمية لا بد من العودة لأكثر من 150 عاماً إلى الوراء، حيث كان يعيش كل قسم من العاصمة مقابل الآخر، ويشطرهما نهر الدانوب. بحلول عام 1873، أصبحت بودابست عاصمة هنغاريا الرسمية، وبدأت شبكة من الجسور تشيد فوق نهر الدانوب لربط "بودا" مع "باست"، ومن بين تلك الجسور سنقصد جسر مارغريت الذي سيأخذنا لإكتشاف جزيرة مارغريت Margaret Island التي هي وجهتنا.
وعد الملك!
تحمل جزيرة مارغريت هذا الإسم تيمناً بالقديسة الهنغارية أو المجرية مارغريت التي عاشت بين عامي 1242-1270. كانت مارغريت إبنة ملك المجر وكرواتيا بيلا الرابع. ويقال أن الملك توعد بأن يرسل إبنته إلى دير الدومينيكان الذي كان قائماً على أرض الجزيرة آنذاك لتترهب في حال نجح بطرد المغول من البلاد. وما أن تحقق حلم الملك بدحر المغول، حتى إرسل إبنته إلى الدير لتصبح راهبة وهي بعمر الحادية عشر. عام 1943 تم إعلان قداسة مارغريت، ولذلك لها مكانة خاصة في التاريخ الهنغاري بحياتها ومعجزاتها، ويعتبر إسمها من أكثر الأسماء شيوعاً في هنغاريا.
رئة بودابست الخضراء!
تتغنى جزيرة مارغريت بلقبها "رئة بودابست الخضراء" لكونها جنة خضراء بطول 2800 متر، وبعرض 500 متر فقط. تتمايل وسط تلك المساحة الساحرة حدائق غناء محروسة بأشجار معمرة تكاد تعانق السحاب، وهذا ما يجعلها مقصداً لمحبي الأماكن المظللة بالسكون والراحة النفسية. لا تبعد الجزيرة سوى 15 دقيقة بالسيارة عن وسط بودابست. بوصولكم إليها ستستقبلكم الحديقة اليابانية، وحديقة الورود، وممرات للمشي والركض. كما ستكونون أمام أطلال من القرنين الثاني عشر والثالث عشر لكنائس، وللدير الذي عاشت فيه القديسة مارغريت. يمكنكم إستئجار الدراجات الهوائية، والعربات الكهربائية للتجول في أرجاء الجزيرة السابحة في منتصف نهر الدانوب، والتمتع بإطلالتها الفريدة على قسمي العاصمة. لم يكن في الماضي من إمكانية الوصول إلى الجزيرة سوى عن طريق القوارب، حتى جاء جسر مارغريت الذي دُشن عام 1876 لتسهيل حركة التنقل بين "بودا" و"باست" وللوصول إلى هذه الجزيرة التي تختزن إرثاً تاريخياً وثقافياً في وجدان أهل البلاد.
هكذا أكتُشفت المياه الحرارية ؟
في أواخر عام 1866، بدأ "فيلموس زيغموندي" أحد الباحثين البارزين في المياه الإرتوازية والينابيع الطبية في المجر بحفر بئر إرتوازي على طول الضفة الغربية للجزيرة. وفي أيار (مايو) من عام 1867، وصل إلى عمق 1200 متر حيث تفجرت المياه الطبية بحرارة 43 درجة مئوية. أدى ذلك الإكتشاف إلى إنتعاش الجزيرة وإزدهارها، مما عمل على تفعيل ثورة عمرانية حقيقية برزت من خلال بناء مجمع للإستحمام، ومطعمين، والعديد من الفيلات الفخمة، وفندق "غراند" الذي يعرف اليوم بإسم "ذي غراند مارغريت أيلاند هيلث سبا هوتيل" The Grand Margaret Island Health Spa Hotel الذي فتح أبوابه عام 1873. يندرج هذا الفندق ضمن مجموعة "إنسانا" Ensana الرائدة في إدارة الفنادق في مدن وأماكن تواجد المياه الطبية في أوروبا. وفي حال قررتم الإقامة في هذا الفندق التاريخي، فإنكم ستنعمون بإستخدام كافة العلاجات الطبية التي تقدم في فندق "ثيرمال مارغريت أيلاند" المجاور له والتابع لمجموعة "إنسانا" أيضاً. يستحضر الفندق أجواء أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. كما توفر غرفه الهادئة التي يصل عددها إلى 154 غرفة، و 10 أجنحة أنيقة إقامة مترفة تتمنى أن تطول كثيراً. في حال قررتم الإقامة في فندق "غراند" فإن الإفطار سيقدم في مطعم "سيتشيني" Széchenyi الذي يحلو فيه تذوق أشهى المأكولات وسط أجواءه الراقية. كما يستخدم هذا المطعم للحفلات والمناسبات السعيدة، نظراً لديكوره الفاخر الذي سيأخذكم إلى أجواء إزدهار الإمبراطورية النمساوية-المجرية التي سادت بين عامي 1867-1918. إذا صدف وزرتم فندق "غراند" بين نيسان (أبريل) وأيلول (سبتمبر)، فلا تترددوا من تذوق الطعام في مطعم "مارغريت براسيري" Margaret Brasserie الذي يحظى بشرفة رحبة تطل على أبهى المناظر الطبيعية. فالمطعم يفتح أبوابه خلال هذه الفترة فقط. أما إذا كانت زيارتكم لبودابست بين شهري تشرين الأول (اوكتوبر) وآذار (مارس)، فجلسة في " بار فكتوريا" Bar Viktória في الفندق نفسه سترجعكم إلى ماضي المدينة وأيامها الغابرة، وبالأخص عند معرفتكم أن البار يحمل إسمه هذا نسبة إلى ماكينة لصنع القهوة عمرها حوالي 150 سنة مصنوعة من بورسلين "هيريند" الهنغاري الفاخر، وعليها نقوشات تحمل إسم "فكتوريا". مع العلم انه يمكن لنزلاء فندق "غراند" التعرج إلى مطاعم فندق "ثيرمال" المتاخم له، وتذوق ما لذ وطاب من الأطباق التي تحضر على أيدي أهم الطهاة البارعين.
وجهة المسافرين العرب!
يقول القيمون على فندق "ثيرمال مارغريت أيلاند" Thermal Margaret Island Hotel أن أكثرية الوافدين إلى بودابست من العالم العربي، والباحثين عن العلاجات الطبية، يفضلون الإقامة في هذا الفندق الذي يتألق بطرازه الهندسي الإسكندينافي الحديث، وخدماته الرائعة التي تلاقي إستحسان الجميع. فضلاً إلى تقديمه شتى أنواع العلاجات بالطين والمياه الحرارية الطبية التي تحتوي على الكبريت وكربونات الهيدروجين، وتُستخدم من قبل فريق طبي له خبرة عريقة في إختصاصات متنوعة، ومنها ستستفيدون حتماً. يضم الفندق 273 غرفة، و8 أجنحة، ومنتجع صحي حديث إلى جانب مركز طبي تقدم فيه معظم العلاجات التي حولته إلى وجهة رئيسية للمرضى الذين يتوافدون إليه من مختلف أنحاء العالم.
برامج صحية تهمكم!
يزخر فندق "ثيرمال مارغريت أيلاند" بتقديمه مجموعة من البرامج الصحية الفعالة التي تقدم لعلاج أمراض العضلات والعظام، ومشاكل الجهاز العضلي والعصبي، وإضطرابات الدورة الدموية الطرفية المزمنة، ومشاكل الجهاز الهضمي. كما تساعد تلك البرامج على إعادة التأهيل بعد التعرض للحوادث والعمليات الجراحية لتقوية العضلات وإعادتها إلى المسار الصحيح. يعد الإستحمام بالمياه المعدنية الحرارية وسيلة ممتازة للإسترخاء. وبالإمكان شرب ليتر واحد يومياً من تلك المياه التي تعتبر ملطفة للغشاء المخاطي الملتهب في الجهاز الهضمي، وتعمل على تنظيف الجسم، والكبد، والكليتين.
فضلاً إلى تلك العلاجات يقدم منتجع الفندق الصحي علاجات لإلتهاب المفاصل، ولأمراض العضلات الملتهبة المزمنة،
ولمرض الألم العضلي الليفي (الفيبرومياليجيا) الذي يسبب ألم في العضلات والعظام وتعب عام في الجسم. ناهيك عن تقديم العلاجات لآلام الظهر، ولإلتهاب الفقار المقسّط، وهو مرض التهابي قد يسبب التحام بعض عظام العمود الفقري بمرور الوقت. ويؤدي هذا الإلتحام إلى جعل العمود الفقري أقل مرونة، وقد يؤدي إلى تقوّس وضعية الجسم. وفي حال إصابة الضلوع، قد يصعب التنفس بعمق. ويشتهر منتجع الفندق الصحي بتقديمه العلاجات بالطين، والجر في الماء، والعلاجات الطبيعية من خلال المشاركة في الجمباز الفردي الخاص، أو ضمن مجموعة، لمعالجة العمود الفقري. كما بالإمكان المشاركة في اليوغا أو اللياقة المائية، والخضوع لجلسات تدليك مختلفة لضخ الإسترخاء والراحة في النفس والجسد.
هل تعانون من الوزن الزائد؟
يقدم المركز الطبي في فندق "ثيرمال مارغريت أيلاند" باقة من البرامج الصحية التي تلاقي إستحسان الزوار القادمين من البلدان العربية، من بينها برنامج خسارة الوزن Weight Loss Programme. يعمل الفريق المشرف على هذا البرنامج بمدكم بأهم التفاصيل القادرة على تحسين الصحة وتحقيق الوزن المثالي. فالحيوية مطلوبة، والنوم الجيد مطلوب أيضاً إلى جانب إتباع برنامج غذائي متوازن، وممارسة الرياضة، وإتباع العادات الصحية. يتطلب هذا البرنامج الإقامة في الفندق مدة 7 ليالٍ متتالية. وإذا كان لديكم الوقت الكافي، فيُنصح بالبقاء فيه لمدة 21 ليلة للحصول على أفضل النتائج. ولكي تستفيدوا من إقامتكم في الفندق، لا تترددوا من إختبار برنامج "الشيخوخة الصحية" Healthy Aging Programme للمحافظة على الصحة البدنية والعقلية لحياة أفضل وأطول، وبرنامج "محاربة الضغوطات اليومية والتوتر" De-stress Programme الذي تم تصميمه لتقييم المستوى الحالي للتوتر وتأثيره على الصحة العامة للضيف.
لماذا بودابست؟
تعد بودابست إحدى الوجهات السياحية المفضلة لدى السياح العرب ولذلك يستقبل مطارها مجموعة لا يستهان بها من شركات الطيران العربية التي تحط على الأراضي الهنغارية منها القطرية Qatar Airways، وطيران الإمارات Emirates، وفلاي دبي flydubai، وطيران ويز Wizz Air، وغيرها من شركات الطيران العالمية. تتميز العاصمة الهنغارية بغناها الثقافي والتاريخي والهندسي. فنظرة على مبنى البرلمان الهنغاري الراقد في قسم "بست" على الضفة الشرقية لنهر الدانوب، سيعطيكم مثالاً واضحاً عن روعة العمارة في هذه المدينة الساحرة. فهذا المبنى الذي يحمل بالهنغارية إسم "اورساكاز" Országház هو بالواقع تحفة معمارية من الزمن الجميل، تتشابك فيه العمارة القوطية الحديثة، مع اسلوب عصر النهضة، إلى جانب لمسات من الهندسة الباروكية. إلى جانب ذلك ستكونون أمام معالم سياحية أخرى يطيب تأملها وإستنشاق رحيق ماضيها وتاريخها العظيم. ولكن لا تنسوا من أن تكون جزيرة مارغريت الغافية في أحضان الدانوب وجهتكم المقبلة لإسترجاع الصحة والعافية، وعيش تجربة سياحية فريدة يصعب الحصول عليها في أي مكان آخر.