كشفت دراسة أمريكية عن علاقة قوية بين المجهود العقلي الشديد والمشاعر السلبية، مما يثير تساؤلات حول فكرة أن التفكير العميق هو أمر ممتع دائمًا، وأن الناس يستمتعون بالتحديات الذهنية.
ويشجع المديرون والمعلمون عادة الموظفين والطلاب على الانخراط في الأنشطة التي تتطلب مجهودًا عقليًا، معتقدين أن هذه الفئات تستمتع بالتفكير الجاد، لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن هذه الفرضية قد تكون غير صحيحة، حيث أظهرت النتائج أن الناس عمومًا يكرهون بذل المجهود العقلي، حتى في سياقات يتوقع منها أن تكون محفزة.
الكراهية المتأصلة للمجهود العقلي
وأشار البحث إلى أن الكراهية المتأصلة للمجهود العقلي قد تعوق الإنتاجية والتعلم، مما يتطلب تطوير استراتيجيات جديدة لجعل هذه المهام أكثر قبولًا.
وأكد الباحثون أن فهم النفور من الجهد العقلي يمكن أن يؤدي إلى طرق أفضل لتحفيز الأفراد في البيئات التعليمية وأماكن العمل.
التحليل والتوصيات
ومن خلال تحليل تلوّي شمل 170 دراسة تضم 4670 مشاركًا من 29 دولة، بما في ذلك موظفي الرعاية الصحية والرياضيين الهواة وطلاب الجامعات، تم التوصل إلى أن الجهد العقلي يرتبط بشكل عام بمشاعر سلبية مثل التوتر والانزعاج.
وأوضح الباحثون أن هذا التأثير كان أقل وضوحًا في البلدان الآسيوية، مما يشير إلى أن التاريخ التعليمي قد يلعب دورًا في تحمل المجهود العقلي.
وخلص الباحثون إلى ضرورة إعادة التفكير في كيفية تصميم المهام العقلية في البيئات التعليمية والمهنية، حيث يجب أن يتلقى الأفراد دعمًا أو مكافآت عند بذلهم جهدًا عقليًا كبيرًا.
تحذير من الخلط
كما حذر الباحثون من الخلط بين اختيار الأنشطة الذهنية والاستمتاع بها، مشيرين إلى أن الناس قد يختارون الأنشطة العقلية رغم صعوبتها، وليس بسبب متعة بذل الجهد العقلي.
وأكد الباحثون على أهمية التوازن بين تحفيز العقل وتجنب الإرهاق العقلي، مشيرين إلى أن تصميم الأنشطة التي تجمع بين التحدي والتحفيز يمكن أن يعزز من تجربة الأفراد دون توليد مشاعر سلبية.
ويعتبر هذا البحث دعوة لإعادة النظر في كيفية تصميم البرامج التعليمية والمهنية، لضمان تحقيق الأهداف دون التأثير سلبًا على رفاهية الأفراد النفسية والعاطفية.