. إن لقاءنا للسنة الثالثة على التوالي يؤكد اهتمامنا المشترك بتطوير قطاع اقتصاد المعرفة، هذا القطاع الذي سيلعب دورا جوهريا في اقتصادنا وفي مستقبل لبنان.
أهلا وسهلا بضيوفنا الأجانب الذين أتمنى لهم مشاركة بنّاءة في مؤتمرنا وإقامة ممتعة في ربوع لبنان.
نرى بكل سرور أن دولا أخرى في المنطقة قد حذت حذونا لتستحدث آليات تمويلية غايتها تطوير القطاع الرقمي، مما يسهم في توسيع هذا القطاع وتعميق أسواقه.
إن النجاح الذي حققناه عندما أوجدنا تعاونا وثيقا بين القطاع المصرفي ورواد الأعمال بهدف تطوير قطاع اقتصاد المعرفة، ساهم في نشوء شركات مسرّعة للأعمال وحاضنات أعمال، آخرها Smart ESA، فضلا عن عدد من الصناديق والشركات الناشئة.
جاءت النتائج مشجعة ونحن ننوي مواصلة جهودنا. فنتطلع مثلا إلى توسيع المركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي UK Lebanon Tech Hub الذي انطلق اساسا بدعمنا.
إن الضمانات التي يقدمها مصرف لبنان للمصارف تهدف إلى إنشاء قطاع يؤمن فرص عمل للبنانيين ويعزز فعالية الإقتصاد اللبناني وقدرته التنافسية.
نجاح رواد الأعمال في لبنان هو نجاح للبنانيين أجمعين.
لدى استخدام التمويل المتوفر بموجب التعميم رقم 331 والاستفادة من ضمانة مصرف لبنان، يجب أن تكون شركاتكم شركات لبنانية عاملة في لبنان. ويتوجب على المصارف المهتمة بالاستثمار أن تتأكد من أنها تستثمر أموالها طبقا لأحكام هذا التعميم.
إني أشبّه التكنولوجيا بالموسيقى. فكلاهما لا حدود لهما. والمؤلف الموسيقي، شأنه شأن شركة التكنولوجيا، له جنسيته.
أسِّسوا الشركات في لبنان وانتجوا في لبنان، ثم صدّروا بالطريقة الفضلى، عبر المنطقة والعالم.
يطلق مصرف لبنان مبادرات لتطوير القطاع الرقمي في لبنان، بالإعتماد على التعاون الدولي. التواصل مع الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا يأخذ مجراه، على أمل أن تؤدي مقاربتنا إلى تعزيز هذا القطاع الواعد.
لقد رفعنا سقف الأموال التي يمكن المصارف أن تخصصها لتمويل القطاع الرقمي، فأجزنا لها أن تستثمر في هذا القطاع، في ظلّ الضمانة التي يؤمنها المركزي، حتى 4% من أموالها الخاصة، مقابل 3% سابقا، على أمل أن يستخدم القطاع المصرفي ورواد الأعمال هذه الأموال على النحو الأمثل.
ستوضع أموال إضافية في تصرف القطاع الرقمي، باعتبار أن نمو الأموال الخاصة للمصارف سيتسارع، نتيجة الهندسة المالية الأخيرة التي قام بها مصرف لبنان.
إن المشهد المالي في المنطقة تغيّر: المخاطر تزايدت، في حين تراجع توفّر العملات الأجنبية.
من هذا المنطلق، وحرصا على استقرارنا المالي والنقدي، كان لا بدّ من مواجهة الواقع المستجدّ وقلب الإتجاه السائد، بخفض المخاطر وزيادة توفّر العملات الأجنبية.
فبفضل هندسته المالية، تمكّن مصرف لبنان من استقطاب مليارات الدولارات الى لبنان، ما أثّر أيجابا على ميزان المدفوعات الذي بعد تسجيله عجزا تراكميا بلغ 1.7 مليار دولار في أيار 2016، عاد ليسجل فائضا بقيمة 555 مليون دولار في أيلول 2016.
كما تسارع نمو الودائع المصرفية. فبين بداية السنة ونيسان 2016، سجلت الودائع نموا نسبته 0.9%، مقارنة بنمو بلغ 2.5% بعد تطبيق الهندسة المالية. وعلى أساس سنوي، تحسن هذا النمو من 2% إلى 5%. وبذلك، عززت المصارف ميزانيتها، ما أتاح لها الإستمرار في توسيع محفظتها التسليفية، لا سيما بالليرة اللبنانية، دعما للنشاط الاقتصادي، مع التقيّد في الوقت نفسه بالمتطلبات الدولية الجديدة المتعلقة برأس المال والمخاطر.
نحن نقصد هنا القروض الجديدة بالليرة اللبنانية وليس تحويل القروض الموجودة بالدولار إلى قروض بالليرة اللبنانية.
من جهة أخرى، حققت الموجودات الخارجية لمصرف لبنان رقما قياسيا تجاوز الـ40 مليار دولار، ما يضفي استقرارا على الليرة اللبنانية وعلى معدلات الفائدة.
وفي هذا السياق، أبدت المؤسسات المالية الأجنبية اهتماما متزايدا بأدواتنا السيادية، فتخطّت عمليات الشراء من قبل صناديق الإستثمار الأجنبية الـ4 مليارات دولار بالفوائد السارية.
اسمحوا لي أن أهنئ فريق "مؤتمر مصرف لبنان لتسريع الأعمال" والآنسة ماريان الحويك للجهود المبذولة لإنجاح هذا الحدث.
إن انتخاب فخامة الرئيس ميشال عون سينعش المؤسسات الدستورية ويمتّن الثقة باقتصادنا.
كما أن تشكيل حكومة جديدة سيستقطب المساعدة الخارجية ويحدّ من كلفة الوجود السوري في لبنان التي نقدّرها بـ5% من إجمالي الناتج المحلي.
لبنان بلد قوي. لقد مرّ اللبنانيون بأحلك الظروف وأصعبها. عاشوا الحروب والأزمات السياسية التي كانت لتدّمر اقتصادات بلدان عديدة.
إلا أننا ثابرنا في بناء اقتصادنا.
وبهذه القوة وهذا العزم، سنبني معاً قطاع اقتصاد المعرفة.