في إطار تجربة مستقبل العمل الذي يسعى لعلاج إرهاق الموظفين من العمل لساعات طويلة، ومنحهم الفرصة للتنسيق بين العمل وحياتهم الخاصة، تدرس مؤسسات وشركات في القطاع الخاص الاماراتي تطبيق نظام العمل الذي يتضمن خفض أيام العمل الأسبوعية إلى أربعة أيام بدلاً من خمسة.
وفي هذا الإطار، اوضح الرئيس التنفيذي لشركة "كيك ستارتر" الأميركية للتمويل في نيويورك عزيز حسن، انه اضطر إلى "تبنّي العمل عن بُعد خلال المرحلة الأولى من تفشي جائحة كورونا"، وإنه يخطط "للسماح لموظفيه بالعمل ساعات أقل على مدار أربعة أيام مقابل الأجر نفسه، كجزء من دراسة تجريبية، حيث يراهن على أن الجدول الزمني المختصر سيسمح للموظفين بالتوفيق بين العمل والحياة الشخصية التي سيتوافر لها المزيد من الوقت".
وأشار الى أن شركته ستبدأ برنامجها التجريبي العام المقبل، وقال: "ليس لدينا التصميم المثالي، فالعمل عن بُعد، لم يكن مقبولاً على نطاق واسع حتى تفشي الجائحة.
وطرحت صحيفة "وول ستريت جورنال" تساؤلاً حول تأثير كورونا على هيكل وطبيعة العمل، بما في ذلك تقليد الأيام الخمسة في الأسبوع، فالعمل عن بُعد حرّر الموظفين من بعض القيود، لكنه أرهقهم مع قضاء ساعات عمل أطول، حيث يطالبون الآن بالمزيد من تحسين التوازن بين العمل والحياة.
وقال الأستاذ في جامعة" أيوا" ، ومؤلف كتاب "العمل بلا نهاية" بن هونيكوت: "إنّ الموظفين في سوق العمل يستقيلون من وظائفهم مع زيادة المنافسة من أصحاب العمل على أفضل المواهب، ولذا فإن ميزة أسبوع أقصر ستكون أداة لجذب الموظفين" .
من جهته، أكد الرئيس التنفيذي لشركة "مترو بلاستيك تكنولوجيز" ليندسي هان، أن "قرار خفض عدد ساعات العمل إلى ست ساعات من دون فترات راحة في مصنعه في (نوبلزفيل) بولاية إنديانا في التسعينات، ساعد على حماية الشركة من مشكلة نقص العمال".
بدوره، رأى الأستاذ في كلية "هارفارد للأعمال" ديفيد يوفي انه "من المرجح أن يكون أسبوع العمل الأقصر مناسباً لشركات الخدمات الصغيرة، ولكن ليس للشركات الأكبر في الصناعات شديدة التنافسية".
وبدأت منظمة "أنشارتد" غير الربحية في مدينة "دنفر" بولاية "كولورادو"، في تجربة أسبوع عمل مدته أربعة أيام في الأسبوع من خلال منح الموظفين إجازة يوم الجمعة. وكان الموظفون يميلون إلى طلب المساعدة من أقرانهم بشكل أقل تكراراً، لأنهم لم يرغبوا في إزعاج زملائهم خلال أسبوع قصير.
ولطالما حظيت فكرة أسبوع العمل القصير بجاذبية أكبر خارج الولايات المتحدة، خصوصاً في الأماكن التي لا تشكل فيها ساعات العمل الطويلة والضغوط جزءاً كبيراً من الثقافة.
والأدلة مختلطة، في ما يتعلق بمدى فاعلية أسابيع العمل القصير في البلدان التي تبنت هذا المفهوم. ففي ألمانيا، أضرت الجهود المبذولة لتقصير ساعات العمل في العقد حتى عام 1994 بالتوظيف. ووفقاً لدراسة أجرتها الخبيرة الاقتصادية بجامعة "روتجرز" جينيفر هانت، التي أشارت إلى أن سياسة الـ35 ساعة في فرنسا التي بدأت في عام 2000 لم تفعل شيئاً يذكر لزيادة التوظيف.
وفي مارس الماضي، قالت الحكومة الإسبانية إنها ستدفع للشركات مقابل اختبار لمدة أربعة أيام في الأسبوع. وفي نوفمبر الماضي، أطلقت شركة "يونيليفر" العملاقة في لندن تجربة تجريبية لهذا المفهوم في مكاتبها في نيوزيلندا. كما كانت آيسلندا إحدى الدول التي أظهرت نتائج إيجابية، حيث يوجد دليل جديد على أن الجدول الزمني المخفض فعّال لبعض المشاركين هناك.
وأجرى مجلس مدينة "ريكيافيك" وحكومة آيسلندا التجارب بين عامي 2015 و2019، بعد أن دعت النقابات هناك إلى أسابيع عمل أقصر. وقال التقرير إن الناتج الإجمالي لم ينخفض في معظم أماكن العمل، بل إنه تحسن في بعض الأماكن، حيث حافظ معظم العمال على إنتاجيتهم أو حسّنوها.
واكدت نقابة عمال الولاية والبلديات في آيسلندا، ان "أسبوع العمل القصير يتطلب تغييراً في الثقافة، والتخلي عن الأسطورة القائلة إن ساعات العمل الطويلة تؤدي إلى نتائج أفضل" .